يعتقد البعض بأن المقارنة مع الآخرين قد تكون حافزاً لتحقيق نجاحات أكبر ويدخل البعض نفسه في مقارنات مع آخرين ويقيس حياتهم بحياته وظروفه بظروفهم وخصوصاً ما يتعلق بالأمور الشخصية والدخل المادي. غير أن الدراسات أثبتت عكس ذلك، فقد أشارت النتائج بأن مقارنة الذات مع الآخرين ومراقبة حياتهم ونجاحاتهم قد يكون فخاً يقود صاحبه للحزن والإحباط والتعاسة والشعور بالدونية ويدخل صاحبه في دوامة لا تنتهي، فدائماً وأبداً سيكون هناك من هو أفضل وقد يؤدي ذلك إلى ضياع الفرص وقتل الطموح وجلد الذات فبعض المقارنات فيها ظلم للنفس. أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن الباحثين حللوا بيانات شملت قرابة 24 دولة ووجدوا أن ثلاثة أرباع المستطلعين يعتقدون أنه من المهم مقارنة دخلهم مع الآخرين، وتبين لاحقاً أن من عمدوا إلى المقارنة بدوا أقل رضا وسعادة في حياتهم خصوصاً إذا تركزت مقارنتهم على الأقارب والأصدقاء وليس زملاء العمل، ووجدت الدراسة أنه كلما علق الناس أهمية أكبر على مثل هذه المقارنات كان تصنيفهم لأنفسهم لمقياس الرضا بالحياة منخفضاً مما يزيد شعورهم بالاكتئاب. لا بأس من التعلم من الآخرين ومن تجاربهم دون المقارنة معهم وتقليدهم تقليداً أعمى في تصرفاتهم وشؤون حياتهم، فعلى الفرد أن يحترم ذاته ويعزز الثقة في نفسه، وإن كان ولا بد للبعض للمقارنة فعليهم أن يقارنوا أنفسهم بمن هم دونهم في الدخل المادي أو الملبس أو المشرب أو المواصلات. ولا تأتي المقارنة مع من هم أقل في مستوى الدخل بل كثيراً ماتأتي لمن هم أعلى مما يساهم في وجود حالة من عدم الرضا . الأرزاق بيد الله وكل منا لديه قدرات ومهارات تختلف عن غيره ولو توقف الفرد عن مقارنة نفسه بمن هم أعلى منه فسيخرج من دائرة الاكتئاب والحزن ويسعى إلى تطوير ذاته وتحسين ما لديه من خبرات، فقيمة الفرد الأساسية تزداد بمقدار ما يستطيع أن يزيد من مهاراته وقدراته وما يكسبه من خبرات جديدة لها قيمة في المجتمع.