صادفتُ جاري ذات صباحٍ باكر، سلّمْتُ عليه بحرارة، سألني بطيبة قلب وتعجّب ماذا تفعل هنا؟! لم أردّ كنتُ مشغولا بحفر شيء ما في مزرعتي الصغيرة عند بيتي، لكن ابتسامة على وجهي تشرق نورها لتصل إليه، لأن فَجْرَنا واحدٌ.. تركني وهو يضحك، جلس على أريكة نجتمع فيها دائمًا بعد كل فجر، رَمَقَني وهم يتمتم بكلماتٍ التقطتُ منها كلمتين (والله اللي مغزولٍ مغزول) وانهمكتُ في تلك النبتة التي أخذت مني بعض الجهد اللذيذ، الآن انتهيت، التفت لجاري العزيز معددًا عليه حبي للتربة والزراعة وعشق رؤية أوراق الريحان والكادي والنعناع تَكْبُر أمام عيني، كأني أراقبُ طفلي سعيدًا، حينما يخطو خطوة خطوة يحبو ويسقط. المهم هنا اسْتَلَمَ جاري فنجان القهوة بخيلاء وحَبّة التمر تدخل فَمَه بروّية، وبدأ يتحدثُ عن إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء عن «مبادرة السعودية الخضراء»، و:مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» اللتين سيجري إطلاقهما قريبًا.. وبدأ جاري الحبيب متفلسفًا عن أهمية مواجهة التصحّر والزراعة وخطر الانبعاثات من تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري. هنا ضحكتُ عليه، قال ببعض عتاب مبتسمًا لماذا تضحك؟! أجبته بإشارة إلى مزرعتي الصغيرة قال لي ماذا تقصد يا..... (هنا لقبٌ أعتدت أن يناديني به). قلت له: انظر إلى مقدمة بيتك ولا حتى شجرة واحدة.. أين الفل والكادي والريحان في مزرعتك؟! هنا صمت مفكرًا، وشمّر عن ساعديه ليبدأ في الحفر بعد توسلات منه لأعطيه بعض ما زرعت، أخذت فأسي وبدأنا نحفر ونزرع ونبذر الحبوب والسعادة تغمرنا. شكرًا سمو ولي العهد على هاتين المبادرتين الرائعتين، شكرًا يا سيدي أن جعلتني مواطنًا في مملكتي السعودية الخضراء شعارًا وأرضًا. ** أخيرًا.. الخلط في المفاهيم كاختلاط الحابل بالنابل، من أهم المشكلات التي تواجه من يحاورك أنه لا يريد أن يفهم، أن يستوعب، أن يحاول فكّ رموز الكلمات، حلّ الكلمات المتقاطعة، وأكثر ما يستطيعه أن يحظرك! هنا أنصحكم أن تتوقفوا لأن الآخر أصبح مجنونًا يقف على حافة جِدار يريد أن يسقطك معه.. فانتبه ألا تتبع خُطاه.