من حق رئيس مدغشقر أندريه راجولينا أن يرفض تعاطي لقاح كورونا، وأن يأخذ كوبًا أو أكثر من «مشروب كوفيد العضوي» المعروف باختصار باسم «سي في أو»، الشاي العشبي «المعجزة» المصنوع من الشيح! ومن حقه كذلك أن يروج للعلاج الذي بدأ إنتاجه في البلاد على شكل كبسولات قائلًا على شاشة التلفزيون على طريقة الإعلانات «سيحميني ويحمي عائلتي»! ورغم معرفتي بمدغشقر وزيارتي لها، ورصدي لما تحتويه من النباتات الفريدة، (10000 نبات مستوطن)، 90% منها لا توجد في أي مكان آخر في العالم، رغم ذلك كله، لا أدري لماذا تذكرت الرئيس الجامبي يحيى جامع الذي أعلن أثناء حكمه اكتشاف علاج للإيدز، قبل أن يتم خلعه ونفيه إلى غينيا الاستوائية! كنت في جامبيا، عندما أعلن الضابط، أو الرئيس الصغير حينها، اكتشافَهُ لعلاجٍ جديدٍ لمرضِ الإيدز.. ومعَ هذَا الاكتشافِ اختفت الأخبار الخاصَّة بتفشِّي الفقرِ، وانتهاكِ حقوقِ الإنسانِ، وطغتْ أخبار الإيدز بعدَ أنْ أعلنَ الرئيس أنَّ العلاجَ نافع، وآمن؛ شريطةَ ألاَّ يستخدمهُ المرضى إلاَّ أيَّام الخميسِ! ولأن الرئيس كان يهوى الظهور على شاشات العالم كله وليس في مدغشقر فقط فقد انتظر أسبوعًا أو أكثر وعاد ليعلن -فِي بيانٍ مهمّ وعاجلٍ- أنَّ العلاجَ الجديدَ نجحَ بالفعلِ فِي شفاءِ 68 مريضًا، وأنَّهم عادُوا سالمِينَ! وعلى عكس هوى الرئيس، حينَ أعلنَ إنشاءَ مستشفى خاصٍّ لعلاجِ الإيدز بالأعشابِ، استفادةً مِن اختراعِهِ العظيمِ، ردَّتْ منظَّمةُ الصحَّةِ العالميَّة علَى الفورِ محذِّرةً من استمرارِ هذَا العبثِ، واستمرارِ التلاعبِ بمشاعرِ وأعصابِ المرضَى وذويهم. ومع خفوت أخبارُ علاجِ الإيدز، ومعهَا أخبارُ الرئيسِ، اضطر الرجل للخروجِ علَى النَّاسِ معَ كثرةِ الهمسِ، أو الهمهمةِ ليعلنَ أنَّه مضطرٌ لأنْ يحكمَ البلادَ أبدَ الدهرِ، أو مليارَ عامٍ -علَى حدِّ قولِهِ- أوْ حسبته! أتذكر كذلك، قول أحدُ مساعديه: إنَّ الرئيسَ الآنَ يستطيع أنْ يغيِّرَ حياةَ أيِّ شخصٍ للأجملِ في دقائقَ معدودةٍ، وعندَمَا سألُوه كيف؟ قالَ: إنَّ فخامتَهُ رأى امرأةً تبيعُ الفستقَ للمارَّةِ، وهِي تحملُ، أو تعلِّقُ طفلَهَا علَى ظهرِهَا؛ وفقًا للطريقةِ الإفريقيَّةِ.. وعندَهَا أمرَنِي الرئيسُ بأنْ أسلِّمَها ألفَ دولارٍ (عدًّا ونقدًا) في يدِهَا! ثم كان ما كان، وفر الرئيس هاربًا الي غينيا الاستوائية لتعلن سلطات غامبيا أنه سرق 362 مليون دولار، ولتؤكد ثلاث فتيات بينهن ملكة جمال مدغشقر أن الرئيس الهارب «اغتصبهن»! من حسن حظ مدغشقر أن الرئيس أندريه راجولينا، أكد أنه لا يعارض بشكل مطلق التطعيم، قائلا «أنا ودولة مدغشقر لسنا ضد اللقاح»، وموضحًا أن بلاده في «مرحلة مراقبة للقاح لكن هناك الكثير من الآثار الجانبية» في الوقت الحالي، على حد قوله من دون أن يذكر أيًا منها. ومن حسن حظ مصر والعالم العربي أن طريقة «شلولو» الخاصة بعلاج كورونا والمكونة من «الملوخية الناشفة والماء المثلج والبصل والثوم والليمون والملح» وأدت سريعًا، بعد أن بات الأطباء الشهداء يتصدرون المشهد، مضحين بأرواحهم من أجل المرضى!.