تعرض العالم في أواخر الربع الأول من العام الماضي (2020م) لضربة قوية شلت الحركة الاقتصادية و الاجتماعية و الصناعية وأدت إلى حدوث شبه كساد اقتصادي و خسائر هائلة للدول بعد تعرضها لجائحة ( كورونا) انعكست على تباطؤ النمو الاقتصادي لكل دول العالم و ازدياد نسبة البطالة و إفلاس العديد من المؤسسات و الشركات بما فيها قطاع التجارة البحرية و النقل الجوي مما جعل شعوب العالم تعيش في حالة من اليأس و الخوف و المعاناة بعد توقعات البنك الدولي بانكماش الاقتصاد العالمي خلال عام 2020م بنسبة (4.4%) و الذي طال بالفعل جميع الاقتصاديات الرئيسية بلا استثناء في آسيا و أمريكا و أوروبا . وبالنسبة لنا في المملكة العربية السعودية فقد أثرت هذه الجائحة عليها إلا أنها في نفس الوقت استفادت من بناها التحتية الرقمية المتطورة والإجراءات الاحترازية التي طبقتها والدعم اللامحدود للقطاع الخاص مما مكنها من الانتصار في هذه المعركة عبر تطبيقها للتقنية الرقمية والاستمرار في تسيير كافة أنشطتها. وقبل أن نتحدث عن تفوق المملكة العربية السعودية في استخدام (الرقمنة) بشكل موسع وفعال ومبهر لا بد لنا من التحدث عن مفهوم التحول الرقمي. • ما هو التحول الرقمي؟ هو الاستثمار في الفكر و تغيير السلوك لإحداث تحول جذري في طريقة العمل، عن طريق الاستفادة من التطور التقني الحاصل لخدمة المستفيدين بشكل أسرع و أفضل، حيث يوفر التحول الرقمي إمكانات ضخمة لبناء مجتمعات تنافسية و مستدامة عبر تغيير جذري في خدمات مختلف الأطراف مستهلكين، موظفين، مستفيدين، و من هنا لا بد أن نعرف أن التحول الرقمي يتطلب تمكين ثقافة الإبداع في بيئة العمل ، و يشمل ذلك تغيير المكونات الأساسية للعمل ، ابتداءً من البنية التحتية و نماذج التشغيل و انتهاء بتسويق الخدمات . • مميزات التحول الرقمي: - تحسين الكفاءة وتقليل الانفاق بتطبيق خدمات جديدة بسرعة ومرونة. - تغيير نماذج العمل وتغيير العقليات. - الاستفادة من التقنيات الحديثة لتحقيق القدرة على التنبؤ والتخطيط للمستقبل. - خلق قيمة تنافسية مع استدامة ثقافة الإبداع. • فوائد التحول الرقمي: - استبدال العمليات التقليدية بالتقنية الرقمية لإنجاز العمل. - القدرة على التطوير في الاداء. - تغيير نماذج العمل وتغيير العقليات. - كفاءة سير العمل وتقليل الأخطاء. - تسريع طريقة العمل اليومية. - تطبيق خدمات جديدة بسرعة ومرونة. - تحسين الجودة وتطوير الأداء. - زيادة الإنتاجية وتحسين أداء المنتجات. - زيادة رضا المستفيدين. - تحسين جدوى الاستثمار. • السعودية والتقنية الرقمية: نجحت بامتياز في استخدام التقنية الرقمية لمواجهة الآثار السلبية لهذه الجائحة الكارثية و هو ما جعل المملكة في موقع الصدارة بين دول مجموعة العشرين (G 20) لمواجهة هذه الجائحة، و قد كشف تقرير حديث للاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة أن المملكة اعتبرت من أنجح الدول التي سخرت التقنية الرقمية لمواجهة هذا الوباء الفتاك و حماية مجتمعها أولاً و اقتصادها ثانياً . وقد أظهرت هذه الأزمة زيادة غير مسبوقة في حجم التجارة الإلكترونية، الأمر الذي انعكس على توجه المستثمرين نحو استكشاف الفرص الاستثمارية لتطوير الأداء العملياتي واللوجستي رقمياً بالموانئ وهو ما طبقته المملكة بموانئها فعلياً وانعكس ذلك في: - توظيف الرقمنة بشكل فعال في خدمة الموانئ السعودية. - تحفيز الشركات العاملة بموانئنا على دخول العالم الرقمي من أوسع أبوابه عبر منصة أطلق عليها (فسح) وهو ما تم فعلاً. - ملاحظة زيادة الإنتاجية ورفع الكفاءة التشغيلية رغم الجائحة. - تطورت عملية الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمدادات. - تم إيجاد فرص تجارية للتجار والمستوردين محلياً وإقليمياً ودولياً بتوفير التقنية الرقمية التحول الرقمي الجذري في الإجراءات الجمركية بالموانئ السعودية. - استخدام المنصات الرقمية في التعاملات المالية والتجارية لمجتمع الموانئ وقطاع المال والأعمال. - سرعة تبادل المستندات إلكترونياً بين مجتمع الموانئ. - حوكمة الإجراءات وكافة العمليات المالية والتشغيلية. - تحقيق الربحية المستدامة. - التواصل المباشر مع المستفيدين من خدمات الموانئ محلياً وإقليمياً وعالمياً وسرعة الوصول والتواصل معهم. • الخدمات التي نجحت الموانئ السعودية في (رقمنتها): أحد الحلول الرقمية التي قدمتها الموانئ السعودية ضمن منصة (فسح) التي أنهت جميع العمليات المالية والورقية تقديم خدمة الاستيراد والتصدير لتصبح إلكترونية موفرة بذلك المصداقية والمرونة للعملاء والقيام بعمليات السداد الإلكتروني وتشمل هذه الخدمات: - الدفع الآمن للمستحقات المالية عن طريق نظام سداد الإلكتروني. - تسريع عملية فسح البضائع. - الفوترة الإلكترونية. - زيادة شفافية العمليات. - تقليل مخاطر المعاملات النقدية. وقد استفاد من هذه الخدمات: - قطاع المستوردون والمصدرون. - قطاع التخليص الجمركي. - وكلاء الشحن. - متعهدو الموانئ. • مشروع إدارة الشاحنات الكترونياً: تهدف هذه الخدمة إلى تقليص إجراءات دخول و خروج الشاحنات للموانئ السعودية و تحديداً لمحطات الحاويات و تقليص فترة الخدمة من ثلاث ساعات إلى (17) دقيقة ، و قد حقق هذا التنظيم الالكتروني حصول السائقين و شاحناتهم على تصاريح دخول إلكترونية مما سهل عملية التحميل بالموانئ و مراقبة و إدارة حركة الشاحنات و استغلال الحدود الجغرافية و منع تكدس الشاحنات على بوابات الموانئ و عرقلة الحركة المرورية ، إضافة إلى تحقيق المتطلبات الدولية لأمن المرافق و المنشآت المينائية و قياس دوران الشاحنات بالميناء و تطبيق الحلول الذكية بنظام البوابات الالكترونية بالموانئ السعودية . • تقديم خدمات المنصة البحرية إلكترونياً: وتشمل (35) خدمة إلكترونية لكل من مشغلي المحطات، و الجمارك، الوكلاء الملاحيون، التموين البحري، المختبرات، الحجر البيطري و الزراعي، الخطوط الملاحية، البنوك، قطاع التأمين، قطاع النقل و التوزيع، وخدمات أخرى متنوعة. من خلال ما تقدم استطعنا و لله الحمد في القطاع البحري التجاري بالموانئ السعودية تقديم خدماتنا للمستفيدين بالداخل و الخارج ، و أن نمارس حياتنا بسهولة و سلاسة ، و استخدامنا للتقنية الرقمية بشكل إبداعي بكل تفوق و اقتدار و خير دليل على نجاحنا عالمياً في مجال التقنية الرقمية هو إدارتنا لقمة العشرين (G 20) الافتراضية بشكل أذهل العالم و أكد على متانة البنى التحتية الرقمية بالمملكة العربية السعودية بفضل الله ثم بفضل سخاء ودعم قيادتنا الكريمة و كفاءة الإنسان السعودي و كفاءته في التعامل مع التقنية و تطويعها لرخاء البلاد وللاستمرار في نجاحاتنا في العالم الرقمي لبلادنا لا بد من : - الاهتمام بالأمن السيبراني لهذه التقنية. - اعتماد أحدث التقنيات الرقمية (ضمن الزمن الحقيقي لتقديم الخدمة). - جاهزية الموظفين وتدريبهم لدخول العالم الرقمي. - التركيز على احتياجات العملاء وتوفيرها رقمياً. - تطوير المهارات القيادية لدى المتخصصين في المجالات التقنية. - اعتماد الميزانيات الكافية وبسخاء للحصول على التقنية. بقلم / عبدالله بن عواد الزمعي الهيئة العامة للموانئ