العطاء هو أن تبادر بتقديم ما تستطيع للآخرين لتعلمهم بمكانتهم عندك ومدى تقديرك واحترامك لهم، فهو سلوك إنساني يساهم في تعزيز القيم النبيلة بين أفراد المجتمع، فالعطاء يعني الاهتمام ومد يد العون والرغبة في تقديم المساعدة وهو أحد الصفات التي لا تتوفر في كثير من الناس، فلا يتمتع الجميع بالقدرة على المنح والعطاء للآخرين وإن كانوا يملكون كل شيء، فالعطاء ليس أمرًا يسيرًا ولا سهلًا وهو ليس محصورًا في الأمور المادية فالعطاء متنوع، فمن الناس من يعطي من وقته ومنهم من يعطي من علمه ومنهم من يعطي من ماله ومنهم من يعطي من جاهه ومنهم من يعطي من جهده وغيرها العديد من النماذج المختلفة للعطاء، ولكن أجمل ما في العطاء أن المعطي يقدم ذلك العطاء بحب وشغف ومتعة فيما يقدمه فهو ليس عطاءً بالإكراه أو بشروط أو من أجل مقابل أو لمصلحة معينة بل بقناعة وحب وفي بعض الأحيان حرص كبير في أن يرى الآخرين سعداء بما يعطيه لهم. العطاء متعة وهذه المتعة لا تنحصر في من يصلهم العطاء فقط بل هو متعة للمعطي أيضا فبعض من يعطي تجده يفرح بعطائه أكثر ممن يتلقى ذلك العطاء والسبب لأنه مؤمن بأن متعة العطاء أعظم بكثير من متعة الأخذ، وأن العطاء إنما هو توفيق من الله فالبعض قد يكون محرومًا من العطاء وغير موفق لأن يعطي الآخرين وإن ملك كل شيء. العطاء لا ينحصر في تقدم المال بل إن قمة العطاء قد تكون أحيانًا في البسمة التي ترسم على وجوه الآخرين والتي قد تبقى في ذكراهم لفترات طويلة وقد تكون في دعوة أو في نصيحة أو مشورة أو كلمة طيبة أو حتى رسالة جوال، وقد يكون العطاء حتى في الإنصات والاستماع لمهموم مما قد يساهم في تفريج همه وكربه. الجميع يمكنه أن يستمتع بالعطاء من خلال منح الحب والعرفان والوفاء والسلام بل وأحيانًا حتى طريقة النظر إلى الآخرين أو شكرهم أو الثناء عليهم بل وأحيانًا الوقوف فقط معهم عند المحن وفي الأوقات الصعبة وإشعارهم بأنك موجود ولم تبتعد عنهم أو تتجاهلهم. العطاء كالدواء يحتاجه الكثيرون حتى تشفى صدورهم وقلوبهم، فما أجمل أن نعطي لننير طريقًا كان مظلمًا للآخرين، وما أروع أن نعطي عبر زراعة الأمل في نفوس اليائسين، وما أنبل أن نعطي من خلال الأخذ بيد التائهين إلى الصلاح، وما أجمل أن نعطي من خلال زراعة البسمة على شفاه المحرومين، فكثير من الأمراض التي نعاني منها قد يكون دواؤها في أن نعطي الآخرين ما نستطيع.