وقّع طرفا النزاع في ليبيا الجمعة "اتفاقا دائما لوقف إطلاق النار" ب"مفعول فوري" بعد محادثات استمرت خمسة أيام جرت في جنيف برعاية الأممالمتحدة. وقالت رئيسة بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز إنه "يوم جميل للشعب الليبي"، مضيفة "عند الساعة 11,15 (09,15 ت غ) من صباح اليوم في مقر الأممالمتحدة في جنيف، قام الوفدان الليبيان (...) بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، كامل ووطني ودائم بمفعول فوري". واعتبرت البعثة أن "محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف توجت اليوم بإنجاز تاريخي"، وحيّت "توصل الفرقاء الليبيين إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا". ورأت أن هذا "الإنجاز يشكل نقطة تحول هامة نحو تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا". وقامت البعثة ببث مباشر على صفحتها لحفل التوقيع الذي استمر عشر دقائق وأعقبه تصفيق. وجرت المراسم في مقر الأممالمتحدة في جنيف حيث وقف أعضاء الوفدين الليبيين ورئيسة بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة، وهم يضعون كمامات، أمام وثائق الاتفاق التي وقعوا عليها لاحقا. وقالت ستيفاني وليامز لوسائل الإعلام إنه "اتفاق وطني وشامل ودائم وأثره فوري". وأضافت أن وقف إطلاق النار يفترض أن يرافقه خروج "المرتزقة والمقاتلين الأجانب (...) من ليبيا خلال فترة أقصاها ثلاثة أشهر اعتبارا من اليوم". وأضافت أن الجانبين اتفقا على أن "كل الوحدات العسكرية والجماعات المسلحة الموجودة على الخطوط الأمامية ستعود إلى ثكناتها". وبين نيسان/أبريل 2019 وحزيران/يونيو 2020، حاول المشير حفتر احتلال طرابلس عسكريا لكنه لم ينجح. وأدت هذه المواجهات إلى سقوط مئات القتلى وأجبرت عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار. وبالنسبة للسكان المنهكين من القتال والانقسامات، يشكل وقف إطلاق النار الدائم بصيص أمل. السراج: حقن للدماء ورفع للمعاناة وفي بيان أكد رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج أن الاتفاق "على وقف اطلاق نار دائم يحقن الدماء ويرفع المعاناة عن المواطنين ويمهد الطريق لنجاح المسارات الأخرى الاقتصادية والسياسية". مصر: ضمان عدم التصعيد رحبت مصر باتفاق وقف اطلاق النار الدائم في ليبيا الذي توصل إليه اليوم المسؤولون الليبيون خلال المحادثات الجارية في جنيف. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد حافظ في بيان له اليوم إن النجاح الذي تحقق اليوم جاء استكمالا لأول اجتماع مباشر استضافته مصر في الغردقة نهاية سبتمبر الماضي، مثمنا اتفاق العسكريين الليبيين اليوم على الحفاظ على الهدوء في الخطوط الأمامية، وتجنب التصعيد. ودعا المتحدث الدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى الاسهام في الجهد الحالي، وضمان عدم التصعيد، مؤكدا تطلع مصر إلى مواصلة الجهود ذات الصلة بالمسار السياسي ودعم جهود المبعوثة الأممية إلى ليبيا لتحقيق الهدف الرئيسي، وهو ضمان استقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها مع ضرورة خروج القوات الأجنبية من البلاد. ألمانيا: أول نجاح حاسم من جانبها؛ وصفت ألمانيا التي تعمل كوسيط في البحث عن تسوية سياسية للنزاع في ليبيا، اتفاق وقف إطلاق النار الدائم الموقع بين المتحاربين في هذا البلد بأنه "أول نجاح حاسم" في ذلك الاتجاه. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان إن المفاوضات الحالية "تؤدي إلى أول نجاح حاسم"، عادا أنه "أساس جيد لإيجاد حل سياسي مقبل". أبوالغيط: انجاز وطني كبير كما رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالتوقيع على الاتفاق الدائم لوقف اطلاق النار في عموم الأراضي الليبية، والذي تم التوصل إليه في سياق مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي. وأشاد أبو الغيط فى بيان رسمى له اليوم ، بهذه الخطوة ووصفها بالانجاز الوطني الكبير الذي من شأنه أن يثبت الأمن والاستقرار في كافة أرجاء الدولة الليبية. وأثنى الامين العام في هذا الصدد على الشجاعة والروح الوطنية العالية التي تحلت بها قيادات حكومة الوفاق والجيش الوطني ووفديهما إلى المفاوضات، معربا في الوقت نفسه عن تقديره الكبير للدور المحوري الذي اضطلعت به البعثة الأممية في ليبيا، ورئيستها بالإنابة ستيفاني وليامز، في سبيل رعاية وتيسير جولات التفاوض التي أجريت بين الجانبين. وناشد "أبو الغيط" الأطراف الليبية بمواصلة إنخراطها الجاد في هذا الجهد، تحت رعاية الأممالمتحدة وعبر اللجنة العسكرية المشتركة ولجانها الفرعية، وتحمل مسؤولياتها بغية إنفاذ هذا الاتفاق والالتزام بأحكامه، وخاصة في سبيل تطبيق مجمل ترتيبات وقف اطلاق النار في الميدان، ومراقبتها والتحقق منها، وتأمين عمليات الإنتاج والتصدير الكامل للنفط، واخراج كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية. ودعا الأمين العام للجامعة ، الأشقاء الليبيين إلى اغتنام هذا الحدث المفصلي من أجل حلحلة الأزمة الليبية على كافة مساراتها الأخرى، وخاصة توطئة لانعقاد منتدى الحوار السياسي الليبي الذي تحضر له وترعاه البعثة الأممية، بهدف الخروج بتوافق وطني عريض لاستكمال المرحلة الانتقالية في البلاد والتمهيد لانعقاد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي طالما ظل الشعب الليبي ينتظرها ويتطلع إليها. وجدد أبو الغيط " التزام الجامعة العربية الكامل بدعم ومساندة كل جهد يرمي إلى التوصل إلى تسوية سياسية متكاملة ووطنية خالصة للوضع في ليبيا، بعيداً عن التدخلات الخارجية وتهديد الميليشيات المسلحة، ووقوفها بجانب الأطراف الليبية لانفاذ الترتيبات العسكرية والأمنية المتفق عليها، والنتائج التي يمكن أن يفضي إليها منتدى الحوار السياسي، ومتابعة تنفيذ كل المخرجات التي تم التوافق إليها في إطار عملية برلين. ترحيب أوروبي ورحّبت المفوضية الأوروبية بإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا الجمعة ودعت إلى تطبيقه واستئناف محادثات السلام. وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو لصحافيين إن "اتفاق وقف إطلاق النار بشكل دائم أساسي لاستئناف الحوار السياسي"، مؤكدا أنه "من المهم جدا كذلك أن يطبّق هذا الاتفاق". أردوغان يغرد خارج السرب وعلى خلاف الترحيب العالمي، شكك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في "مصداقية" وقف إطلاق نار "دائم". وقال إردوغان الداعم لحكومة الوفاق الوطني الموقعة على الاتفاق إن "اتفاق وقف إطلاق النار اليوم لم يتم في الحقيقة بأعلى المستويات، بل بمستوى أقل. سيكون تحديد إن كان سيدوم مسألة وقت". وأضاف "يبدو لي أنه يفتقد إلى المصداقية". وقارن إردوغان بين وقف إطلاق النار المعلن في ليبيا واتفاقات مماثلة أعلنت بين أذربيجانوأرمينيا في ناغورني قره باغ في الأسابيع الأخيرة، لكنها انتهكت. وقال "تم إعلان وقف إطلاق النار بين أرمينياوأذربيجان. هل التزم الأرمن بوعدهم؟ لا. آمل ألا يكون (مصير هذا الاتفاق) مماثلا وأن يتم احترام وقف إطلاق النار".