وسط تفاؤل بمؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني في النصف الثاني من العام الحالي، أعلن وزير المالية الأسبوع الماضي في بيان تمهيدي للميزانية العامة للدولة عن تقديرات الموازنة المالية للعام المقبل 2021، وقد أشارت تلك التقديرات بأن حجم النفقات سيبلغ 990 مليار ريال، بينما سيكون حجم الإيرادات المتوقع 846 مليار ريال مع عجز يقدر ب 145 مليار ريال، وأشار معالي الوزير بأن تلك التقديرات ستُمكِّن من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية الداعمة لتوجهات رؤية المملكة 2030. لا توجد دولة في العالم لم تتأثر بهذه الجائحة، ولا يوجد اقتصاد لم يعانِ من أجل تخفيف آثار تلك الجائحة، فمعظم دول العالم ارتفعت فيها النفقات ونما فيها الدَّين العام وتأثر الناتج المحلي وارتفعت معدلات التضخم وارتفعت نسب البطالة جراء إلغاء عشرات الآلاف من الوظائف من قبل العديد من الشركات، كما رفعت بعض الدول الضرائب ورسوم الخدمات وتأثرت أسعار السلع المستوردة، فالجائحة التي وقعت غير مسبوقة في التاريخ الحديث في تأثيرهاعلى اقتصادات العالم، مما جعل تقديرات وزارة المالية بشأن العجز المحلي لهذا العام تقدر ب298 مليار ريال. مع انحسار جائحة كورونا بنهاية هذا العام -بإذن الله- وعدم وجود موجة ثانية في ظل الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية فإنه من المتوقع أن يشهد العام القادم عودة لمواصلة العديد من الإصلاحات الاقتصادية والتي سبق وأن انطلقت من خلال العديد من المبادرات والبرامج المواكبة لرؤية المملكة 2030، وبالرغم من توقع أن يشهد الاقتصاد العالمي انكماشاً خلال العام الجاري -والمملكة جزء من هذا العالم تؤثر وتتأثر- فقد أشار بيان وزارة المالية إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنحو 7% خلال الربع الثاني من العام الحالي وهو الربع الذي تم خلاله تطبيق معظم الإجراءات والمبادرات الإقتصادية للتخفيف من آثار تلك الجائحة وفي مقدمتها حظر التجول والإغلاق الاقتصادي، ومع ذلك فمن المتوقع أن ينخفض ذلك التراجع بحيث يشهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تراجعاً بنسبة 3,8% فقط في نهاية العام الجاري في ظل حدوث تحسن في الأداء الاقتصادي خلال النصف الثاني من هذا العام. الاقتصاد الوطني ولله الحمد يمتلك مرونة كبيرة وقد ساهمت برامج التحول الوطني والتي بدأت قبل عدة سنوات في التأقلم مع بعض أوضاع الجائحة كما ساهم التخطيط الاقتصادي لتحرير الاقتصاد الوطني من تقلبات أسعار النفط والاعتماد عليه كمصدر وحيد للدخل، وكل تلك الجهود وغيرها كثير ساهمت ليس فقط في أن يحافظ الاقتصاد الوطني على مكانته وقوته في ظل هذه الجائحة بل في أن نتفاءل بأن القادم -بإذن الله- سيكون أفضل.