انتظرت مليًا لأسترد أنفاسي، بعد أن فاجأتنا كالمعتاد «مصيبة الموت».. والحمد لله على قضائه وقدره، فهو- سبحانه- الذي لا يحمد على مكروه سواه.. فبدأت أقلب ذكرياتي وأستعيد مواقفًا خضناها سويًا وأخرى فرادى.. كان يتميز أحيانًا وكنت أغلبه أحيانًا.. تسابقنا على نقل الحدث، وتواسينا في نقل الخبر. كان هدفنا واحدا.. وبوصلتنا متجهة إلى نفس النقطة التي نرغبها (خدمة وطننا، خدمة منطقتنا، خدمة أهلنا وخدمة ضيوفنا) لم نكن نتجاوز إلا في أحلك الظروف لنلفت الانتباه ونعزز الموقف.. أذكر عندما نقل صورة لمسؤول يتجاوز في احدى المنعطفات الخطرة في ذلك الطريق المشؤوم الذي كتبنا عنه كثيرًا وتناوله الشعراء طويلا.. فكانت بداية النهاية له!! ولكنه لم يمل ولم يكل، بل استمر على نفس النهج وعلى نفس الطريقة. عندما أنقل مادة قوية، كان يناقشني إلى حد الجدال، وكنت أتقبل منه ذلك مبتسمًا، وكنت أيضًا أناقشه وأنا حذر لأني أعرف أنه لن يعطيني ما أريد. رحمك الله يا أبا ناصر.. الزميل عبدالخالق ناصر بركات الغامدي. تأثر كثيرًا عندما تناول أحد المحسوبين قصور الإعلاميين في نقل الصورة الحقيقية عن الباحة- على حد زعمه-.. وطالبني بأن نقدم شكوى ضده، فآثرت أن نتجاهله، وقلت له: الشمس لا تحجب بغربال يا أبا ناصر.. رضي كعادته الطيبة بكلامي واقتنع برأيي.. فكان لا يتشبث برأي ويقبل الرأي والرأي الآخر. رحمك الله أبا ناصر.. فلقد أفجعنا فقدك وآلمنا فراقك. ** رثاء: جَمَعَتْ بِنَا دَارُ التَّنَائِي حِقْبَةً أَغْنَتْ عَنِ الْأَنْسَابِ وَالْأَصْهَارِ عِشْنَا بِهَا صَحْبًا نُعَزِّي أَنْفُسًا مَا ضَمَّ جَمْعًا مَجْلِسُ السُّمَّارِ لَكِنْ رَحَلْتَ، وَكُلُّ حَيٍّ رَاحِلٌ هَلْ هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ قَرَارِ؟