لكل منا وطن يحن إليه، وطن لا ككل الأوطان، وطن لا حدود له وإن غابت فينا تضاريسه بمرور الأيام وتعاقب الأعوام، نغيب عنه ولا يغيب عنا، نسافر عنه ويسافر فينا، نتركه مجبرين فيحيي فينا ذكراه، وطن لا تحده الحدود، ولا تحيطه القيود، وطن الكون له فضاء، والحب له سماء، أرضه الأحلام، وطن لا عنصرية فيه ولا أحقاد، دخوله متاح وليله صباح، جوازه الورود، لا يعرف الصدود، مطاره الفؤاد، يستقبل العباد، مناخه بديع، وفصله ربيع، حاكمه ملاك، لا ظلم، لا عراك، وطن الطفولة عنوانه، والبراءة سكانه، والكل أحبابه وإخوانه، وطن هذه أوصافه، حري بنا أن نحن إليه، ونشتاق كيف لا وهو الذي يسكن فينا، ولا نسكن فيه، وطن لا تسلب هويتنا فيه وإن غادرته أجسادنا، إنها الطفولة ذلك الوطن الذي يتفق الجميع على حبه وإن اختلفوا على حب أوطانهم، في داخل كلٍ منا طفل وإن غيب الزمن ملامحه، ضلت روحه فينا، أولسنا نحن إلى الماضي، ونعيد شريط الذكريات كل ما رأينا الأطفال بل قد تذرف العيون عند رؤيتهم، لا لشيء إلا أنها تذكرت تلك الأيام الخوالي أولا نتمنى جميعًا أن تعود تلك الأيام ولو للحظات نفكر كما يفكرون، نعيش يومنا ولا نحزن على ما فات ولا يخيفنا المستقبل.