إغلاق الجامعات في العالم، لفترة طويلة له تكلفة اقتصادية كبيرة وكذلك توابع تعليمية لا يمكن إغفالها.. فمباني الجامعات وفصولها ومختبراتها قد كلف إنشاؤها البلايين، وعند تركها خاوية أو لتعمل جزئيًا، فهي بالتالي لن تغطي تكلفة تشغيلها وإدارتها وهي شبه خاوية.. كما أنها تحتاج لصيانة وخدمات، للحفاظ عليها لحين عودتها للعمل بطاقاتها الكاملة. والنقطة الثانية نتيجة هذه الأزمة، هي لجوء الجامعات، للتدريس عبر الانترنت (التدريس عن بعد).. طريقة التدريس هذه كانت الطريقة الوحيدة المتاحة، ويمكن القول أنه تم تطبيقها، بصورة مفاجئة وليست تدريجية.. ومع هذا، يحق لنا أن نسأل عن فعالية هذه الطريقة، وماذا كانت نتائجها التعليمية سواء للطالب أو الأستاذ؟! ما ذكرته أعلاه، هي محاولة لطرح أسئلة، وإجراء دراسات، وفتح باب النقاش، عن تأثير ترك الجامعات، خاوية لفترات طويلة، وكذلك عن فاعلية التدريس عن بعد، وتأثير ذلك على الجودة الأكاديمية، وخصوصًا في التخصصات التطبيقية، مثل الطب والهندسة وغيرها، مثل دراسات النفط والتعدين والجيولوجيا. هذه الجائحة بلاشك قد اتاحت، فرصة للمخططين، في الجامعات في كل أنحاء العالم، لوضع تصورات عديدة، عن فاعلية التعليم الجامعي في هكذا ظروف.. ولذا، قد تحتاج الجامعات، لدراسة التجربة الحالية بكل شفافية، لتصل لخطط مستقبلية، قابلة للتطبيق في حال تكرر مثل هذه الظروف (لا سمح الله). وأود الإشارة هنا، إلى أن هذه الطريقة (التدريس عن بعد)، تحتاج لمقومات عديدة فنية، ولوجستية، وتربوية، لتكون طريقة فعالة للتدريس.. خبراء التعليم العالي يؤكدون على أن جودة التعلم عبر الإنترنت، تتطلب أن يتم إعداد المواد التعليمية بطريقة تساعد المدرس والطالب، على توصيل المعلومة (المحاضر) والمتلقي (الطالب).. كما أنه من الضروري تدريب الكادر التعليمي (أساتذة ومحضرين) تربويًا، لتقديم البرنامج الدراسي بطريقة فعالة.. وبنفس الأهمية، هناك ضرورة، لمعرفة الطلاب، بأصول التدريس عبر الإنترنت. كل تجربة طارئة أو أزمة، لها دروس يجب الاستفادة منها، وعمل دراسات عليها، وتسجيل ذلك كله في تقارير، توضح بكل شفافية دروس هذه التجربة، وكيف كان التعامل معها، والصعوبات التي تم مواجهتها، واقتراح حلول وسيناريوهات مستقبلية، في حال حدوث طارئ مشابه.. علينا التعلم من ما حدث لنكون أكثر استعدادًا مستقبلا.. بإختصار، نريد أن نعرف إيجابيات التجربة الحالية وسلبياتها. وأخيرًا سرني اهتمام وزارة التعليم بدراسة نتائج هذه التجربة التعليمية، فقد قرأت أن معالي وزير التعليم وجه بإعداد دراسة توثيقية وتقويمية شاملة للتعليم عن بُعد في التعليم العام (والجامعي)، خلال فترة تعليق الدراسة أثناء جائحة كورونا المستجد، وذلك بالتعاون مع جهات دولية متخصصة.. لاشك أن جميع المهتمين في انتظار نتائج هذه الدراسة ومناقشتها، في لقاء عام، تقسم محاوره لقسمين رئيسيين.. أحدهما لنتائج التجربة، فيما يخص التعليم العام، والآخر للتعليم الجامعي.. وياحبذا لو سمح للطلاب بإبداء مرئياتهم في هذا اللقاء.