مازالت "كورونا" جاثية على قارعة الطريق، تتحيَّن الفُرَص وتتربّص بالتجمعات لتفتَّك بالبشرية وتدمرها، وكأنها ترمق العالم المتباهي بقوته وتُعلِن التحدي الأصعب "فمن سينتصر على هذا العدو غير المرئي". إلتفَّت هذه الجائحة القاتلة حول الكرة الأرضية بشكل سريع ومخيف وهاجمت جميع دول العالم دون تمييز واسقطت معها الأجناس والثقافات فالكل أمامها سواء، فاليوم صحة الإنسان ليست ملكاً خاصاً له بل هي ملكاً عاماً للبشرية ويدفعُ العالم أجمع ثمن الاستهتار بها، ولذلك صدرت الأوامر والقوانين المشدَّدة في معظم دول العالم بعدم الخروج من البيت إلا للحاجة المُلِّحة مع الإلتزام بالمسافات الآمنة والتسلُّح بأدوات الحماية. وفي ظل ظهور المستهترون اضطرت بعض الحكومات إلى استخدام القوة الجبرية لإجبارهم على الإلتزام بأنظمة البقاء في منازلهم وبعضها استخدم القوة القانونية بفرض الغرامات المادية على كل من يتجاوز الأنظمة إما استهتاراً أو استعراضاً أو لا مبالاةً بالأوضاع الخطِرة على بلاده. ولا يخفى على أحد تلك الجهود الجبَّارة التي بذلتها المملكة العربية السعودية لحماية مواطنيها في الداخل والخارج والمقيمين على أرضها، واتخذت إجراءات قوية وسريعة أثبتت من خلالها قدراتها الفائقة والجبَّارة على إدارة الأزمات ومواجهتها، وعلى الرغم من كل جهود دولتنا العظيمة والفريدة والتي تخطَّت بها الدول العظمى لمحاربة هذا الوباء إلا أنَّ الإحصاءات اليومية تُشير إلى تزايد مؤشرات الإصابة بهذا الفيروس في بعض المدن للأسف. ومن أهم أسباب انتشار هذا الفايروس الخبيث: * المستهترون بأنظمة الحجر المنزلي وحظر التجول واستمرار تجمعهم في الخفاء واعتبار ذلك عملاً بطولياً لهم وقيام بعضهم باستعراضه كإنجاز على مواقع التواصل الاجتماعي. * تكتّم بعض المصابين بالوباء جهلاً منهم أو استخفافاً بعواقبه مما أدَّى إلى سرعة انتشاره. * الأحياء العشوائية التي يقطنها وافدون مخالفون لأنظمة الإقامة ويعيشون في تجمعات مختلطة هي بمثابة بؤرة تكاثر لهذا الفايروس. * مساكن العمالة الوافدة القادمة للعمل بشكل نظامي فالمئات يعيشون تحت سقف واحد في تجمعات موبوءة. وكان قرار أمانة منطقة الشرقية بنقل العمالة الوافدة من مساكنهم المكتظة إلى المدارس كإجراء احترازي قراراً صائباً ولكنه مؤقت للحد من انتشار الوباء، إذ بات من الضروري على الجهات المختصة إلزام أصحاب العمل المسموح لهم باستقدام العمالة الوافدة من الخارج بتوفير المساكن الصحية لهم أولاً قبل وصولهم من بلدانهم، مع وجود رقابة دائمة وبشكل دوري على مساكنهم وفرض العقوبات الصارمة على المؤسسات والأشخاص الذين يخالفون أنظمة السكن للوافدين، وعمل مسح شامل للأحياء العشوائية وإعادة بنائها وتنظيمها، حفظاً للإنسانية وحمايةً لدولتنا من انتشار الأوبئة والأمراض والحد من الأضرار الأخرى المترتبة على تلك التجمعات.