أعلنت اليابان اليوم الثلاثاء حالة الطوارئ لمدة شهر على خلفية ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، في إطار تكثيفها جهود احتواء الوباء لكن دون فرض تدابير عزل تام مشددة كتلك التي طُبّقت في دول أخرى، وتعرّضت الحكومة لضغوط متزايدة للتعاطي مع تفشي الفيروس الذي لا يزال ضئيلا مقارنة بالمعايير العالمية لكنه أثار قلق خبراء الصحة اليابانيين وسط تحذيرات من أن أنظمة الرعاية الصحية المحلية تعاني من الضغط منذ الآن. ولدى إعلانه عن الإجراءات، حض رئيس الوزراء شينزو آبي اليابانيين على إظهار روح التعاون التي بدت جلية بعد الزلزال المدمر الذي رافقه تسونامي وتسرّب نووي عام 2011. وقال: "نواجه مجددًا مرحلة صعبة للغاية، لكن إذا تعاونا مجددًا وحافظنا على الأمل، فسنكون بقدر التحدي وسنمضي إلى الأمام"، وأضاف: "سنهزم الفيروس وبإمكاننا تجاوز محنة حالة الطوارئ هذه". وتسمح الخطوة لحكام سبع مناطق متأثرة بينها طوكيو بالطلب من السكان التزام منازلهم ومن الأعمال التجارية إغلاق أبوابها، لكن لا توجد آلية لفرض ذلك ولا عقوبات بحق غير الملتزمين، وقال آبي: "إنه رغم إعلان حالة الطوارئ، لن يعني ذلك إغلاق المدن كما شهدنا في الخارج"، مشددًا على أنه لن يطرأ أي تغيير على حركة وسائل النقل العام ولن تغلق أي طرقات. إلا أنه حضّ السكان على أخذ الإعلان على محمل الجد قائلاً: "كل شيء سيعتمد على كيفية تصرفكم"، وحذّر من أنه سيكون على الناس خفض اختلاطهم ببعضهم بعضًا بنسبة 70 إلى 80 % للسماح برفع حالة الطوارئ خلال شهر، وتزايدت الدعوات لإعلان الطوارئ بعدما سجّلت أعدادًا قياسية من الإصابات على مدى أيام في طوكيو، رغم أن الأرقام لا تزال أقل بكثير من تلك المسجّلة في أجزاء أخرى من العالم، وأعلن نحو 80 إصابة الثلاثاء. واستبقت حاكمة طوكيو يوريكو كويكي الإعلان بالطلب من السكان تجنّب الخروج إلا للضرورة والعمل من منازلهم، لكنها ضغطت لصالح إعلان طوارئ يمنح دعواتها مسوَّغا قانونية، ويشمل الإعلان سبع مناطق هي طوكيو وشيبا المجاورة وكاناغاوا وسايتاما إضافة إلى أوساكا (غرب) وهيوغو المجاورة لها ومنطقة فوكوكا في جنوب غرب البلاد. حياة الناس على المحك وقالت كويكي للصحافيين في وقت سابق: "إن الأمر قد يصعّب الحياة اليومية، لكنني أدعو الجميع إلى التعاون لأن حياة الناس على المحك"، ويمنح الإجراء حكام المناطق صلاحيات تخوّلهم الاستحواذ على أراض ومبان لأغراض طبية وإغلاق منشآت عامة كالمدارس أغلق في الأساس الكثير منها. وزادت التداعيات الاقتصادية للإعلان والوباء العالمي من القلق بشأن احتمال حصول ركود في اليابان، وقال آبي الثلاثاء: "إن الاقتصادين المحلي والعالمي يواجهان أكبر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية"، وأقرّت حكومته في وقت سابق خططًا لإطلاق حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة نحو تريليون دولار، أي ما يعادل 20 % من إجمالي الناتج الداخلي، ولم تشهد اليابان حتى الآن تفشيًا للفيروس على غرار ذلك الذي اجتاح أجزاء من أوروبا والولايات المتحدة، وسجّلت ما يقارب من 4000 إصابة مؤكدة و80 وفاة. دعم شعبي وفي مسعى لتخفيف الضغط عن المستشفيات، أوضج آبي أنه سيتم علاج الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض خفيفة في فنادق وغيرها من المنشآت، بما فيها تلك التي كان من المفترض أن تستخدم في دورة الألعاب الأولمبية التي كانت مقررة العام الجاري وتأجّلت بسبب الجائحة، وتعهّدت الحكومة كذلك برفع قدراتها على إجراء فحوص كوفيد-19 وزيادة عدد الأسرّة وأجهزة التنفّس المتاحة لعلاج المرضى الذين تعد حالاتهم حرجة. وتعد تدابير اليابان متراخية نسبيا مقارنة مع دول أخرى، ويعود ذلك إلى المنظومة القانونية في البلاد التي تحد من قدرة الحكومة على تقييد حركة المواطنين، وفي العاصمة أعرب السكان عن تأييدهم للإجراءات حتى أن البعض قال: إنها تأخّرت، وقالت ميتسيوو أوشياما (76 عاما) لفرانس برس: "عندما نرى ما يحصل على التلفاز وما يحصل في نيويورك حيث تتضاعف الإصابات في غضون ثلاثة أو أربعة أيام، يثير ذلك الخوف لدي"، وأضافت: "لا أفهم سبب انتظار الحكومة كل هذا الوقت قبل إعلان الطوارئ".