تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 12 مليون حالة وفاة سنوياً تحصل بسبب العيش أو العمل في بيئة غير صحية، وأن حالة وفاة واحدة من بين كل أربع حالات وفاة للأطفال بسن أقل من 5 أعوام تعزى إلى المخاطر البيئية، كما يمكن تجنب 25% من الأمراض الموجودة حالياً من خلال السيطرة على عوامل الاختطار البيئي. ونظرة سريعة إلى الأمراض التي ذكرت في تقرير المنظمة الدولية يتضح أنها تضم نوعين من الأمراض، النوع الأول وهو الأمراض المعدية وعلى رأسها الإسهال والكوليرا والملاريا وغيرها من الأمراض التي أقضت مضجع البشرية لعقود طويلة والتي تسببها الكائنات الممرضة التي تنمو وتتكاثر في بيئة غير صحية تفتقر إلى توافر مياه الشرب وسلامتها من التلوث وكذلك وجود مرافق الصرف الصحي والتخلص الآمن من المخلفات إضافة إلى النظافة الشخصية.. وقد تم ترجمة هذه المعرفة إلى برامج إصحاح بيئي تعنى بعوامل الاختطار البيئي لتجنب الاصابة بهذه الأمراض وشملت تأمين مياه الشرب النقية وإنشاء شبكات الصرف الصحي المتكاملة والقضاء على القوارض والحشرات التي قد تكون عائلاً ووسيطاً للكثير من هذه الأمراض، وكذلك الاهتمام ببرامج التوعية بأهمية النظافة الشخصية.. وبالتالي فقد نجحت البشرية في التغلب على كثير من هذه الأمراض عن طريق تحسين البيئة المحيطة وتثقيف الإنسان. النوع الثاني من الأمراض والذي ظهر في العقود الأخيرة هو الأمراض غير المعدية أو ما يسمى بالأمراض المزمنة وعلى رأسها أمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز التنفسي الحادة والمزمنة والسرطان والسكتات الدماغية وغيرها حيث تشير الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية أن ثلثي الوفيات حالياً هي بسبب هذا النوع من الأمراض.. ويعزى جزء كبير منها وبنسب مختلفة إلى التدهور البيئي والتلوث بكافة أنواعه.. ومن العوامل البيئية التي من المهم أن تؤخذ في الحسبان في هذا النوع من الأمراض هو عوامل الاختطار الاجتماعية والثقافية ومنها نمط الحياة غير الصحي مثل تعاطي التدخين والنظام الغذائي ذو السعرات العالية وقلة الجهد البدني وهي للأسف ما نلاحظ انتشاره بكثرة بين أجيالنا الناشئة في المملكة مما سبب لدينا نسبة مرتفعة من أمراض العصر وفي سن مبكرة مثل السمنة والسكري وضغط الدم وما تؤول إليه بعد ذلك من أمراض القلب والشرايين وغيرها. أستاذ صحية وسلامة البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز