بعد وصول عدد الحالات في السعودية حتى وقت كتابة مقالي إلى 86 مصاباً؛ أعتقد أن تعليق صلاة الجماعة في المساجد بات أمراً ضرورياً؛ خاصة وأن هناك بعض المكابرين والمؤسف منهم متعلمون وبعضهم محسوبون على المشاهير لكن الوعي الديني لديهم أقل من وعي العصافير!، إذ لا يفهمون سماحة الدين وأهمية حفظ الأرواح فيه، لدرجة المزايدة في إيمانهم بأن الحامي هو الله تعالى!!، نعم الله تعالى يحمينا بحمايتنا لأنفسنا، فلا يعقل أن شخصاً ليتثبت إيمانه يقوم بمواجهة السيارات المارة في الطريق، فهذا ليس «إيماناً» إنما انتحار للإصرار على التهلكة التي أمرنا الله تعالى ألا نرمي أنفسنا بها، لقوله:(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). والأمر نفسه مع فيروس كورونا، الفرق الوحيد أن السيارات تراها بعينيك لكن هذا الفيروس لا تراه، ولا تشعر به وهو يفتك بجسد مصاب يتحدث معك ويصافحك مبتسماً يقف أمامك، لأن الأعراض قد تظهر بعد 14 يوماً؛ إنه باختصار فيروس»شيطاني» كما وصفه الرئيس الصيني»شي جينبينغ» قائلاً: (الصين تخوض معركة خطيرة ضد فيروس شيطاني). والحكاية التي بدأت من سوق شعبية «هوانان» للأغذية الحيوانية منذ منتصف ديسمبر 2019 في»ووهان» وسط الصين؛ تحولت لتكون حكايات بعد أن انتشر فيما يقارب 104 دولة حول العالم بسرعة كبيرة خلال ثلاثة أشهر فقط، ووصل عدد المصابين حول العالم لأكثر من (118332) مصاباً فيما بلغت الوفيات (4292)، والآن باتت إيطاليا بعد إيران في حالة تتسم بعدم القدرة على السيطرة فيما عدد من الدول كأمريكا وإسبانيا أعلنت الطوارئ. ولكن السعودية بدأت إجراءاتها في إدارة الأزمة تقريباً في 2 فبراير 2020 حين اتخذت أول قرار مهم لمواجهة خطر «كورونا الجديد» بتعليق الرحلات مع الصين وإجلاء المواطنين منها، وشيئاً فشيئاً بدأنا نرى قرارات نعتبرها تاريخية، لأن انتشاره يعني انهيار الكادر الصحي وعدم استيعاب الأسرَّة في العناية المركزة للمصابين، وبالتالي ارتفاع الوفيات والعياذ بالله، ولكي لا نصل لهذه المرحلة؛ صدرت القرارات والإجراءات السعودية السبّاقة على مستوى العالم؛ بتعليق الدراسة والعمرة والتأشيرات السياحية من الدول الموبوءة، بجانب الإجراءات السعودية في حماية أهلنا في (القطيف) وعزلها ومتابعتها ليل نهار؛ ومنع الرحلات من الدول الموبوءة التي باتت قائمة المنع منها تزداد كل يوم مع إجراءات مُشددة في المنافذ الجوية؛ ثم تعليق المناسبات العامة والخاصة، وحتى اليوم نشهد قرارات وإجراءات لمواجهة الفيروس الخطير والتي أتمنى أن يكون منها تعليق الصلاة في المساجد وحظر التجول إذا لزم الأمر. وبصدق شديد إننا نشعر مع إدارة الحكومة السعودية لهذه الأزمة بالطمأنينة وعدم القلق وبالفخر كسعوديين بهذه الإدارة الاحترافية للأزمة؛ ما جعل السعودية الأنموذج العالمي الذي بات يُضرب فيه المثل أمام عجز الدول المتقدمة والتي باتت تستنسخ إجراءاتها. ما أود قوله هنا؛ أن هذه الإجراءات والقرارات الحكومية المشددة التي نعيشها في السعودية لمواجهة خطر «كورونا» يجب أن يقابلها وعي المواطنين والمقيمين بالالتزام؛ فالدولة لم تعلق الدراسة والرحلات الدولية والتأشيرات السياحية والعمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف وهو ما يمثل خسارة للدولة مئات الملايين والملايين، لكي يعتبر بعضهم أنهم في إجازة مفتوحة للتنزه! وينبغي أن نلتزم بملازمة منازلنا والامتناع عن التواجد في أي تجمع بشري قلّ أو كثر حتى على المستوى العائلي؛ فإن كانت مناعتك قوية لمقاومة هذا الفيروس الخطر وهو أمر نسبي؛ ضع في اعتبارك أنك قد تؤدي لموت أحبائك المسنين في العائلة وأطفالك ومن يحيط بك، لهذا فالوعي الصحيح مهم ونحن نفخر بأننا ننتمي لوطن يحبنا ونحبه، وعلى كل فرد فيه أن يحمي نفسه حماية لأحبائه قبل أي شيء.