تزايدت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة حالات «دعاوى العضل» التي ترفعها فتيات ضد أبائهن لتزويج أنفسهن من رجال لم يحظوا بقبول أولياء أمورهن وهو ما يمثل بوابة اخرى لزيادة معدلات العنوسة بين الفتيات حيث ارتفعت قضايا عضل الفتيات المنظورة في المحاكم العام الماضي بنسبة 26٪، واستقبلت 43 محكمة عامة استقبلت قضايا من هذا النوع، وتصدرت المحكمة العامة في الرياض قائمة المحاكم من حيث عدد القضايا بواقع 76 دعوى، تلتها المحكمة العامة في محافظة جدة ب71 دعوى، فيما يبلغ متوسط قضايا العضل الواردة للمحاكم سنويا نحو 750 قضية، فيما حرص المجلس الأعلى للقضاء على إصدار تعليمات للمحاكم المختصة مؤخرا بالبت في قضايا العضل خلال 30 يوما من رفعها، مع بيان سبب التأجيل، مع عدم جواز التأجيل لذات السبب أكثر من مرة. «المدينة» في هذا التحقيق تلقي الضوء على ارتفاع دعاوى العضل،وأسبابها، واثارها السلبية فى زبادة حالات العنوسة، وكيفية محاصرتها حتى لا تتحول إلى ظاهرة داخل المجتمع. آل طارش: العضل ضَررٌ تُنزع به الولاية من الولي أوضح الشيخ فهد بن علي آل طارش عضو النيابة العامة بمكة أن العضل حالة اجتماعية شديدة الخطورة على المجتمع بأسره، وهي مشكلة إنسانية واجتماعية خطيرة يترتب عليها أمراض نفسية وجسدية مطالبا بالنظر لها والاهتمام وإيجاد الحلول المناسبة وتوعية المجتمع بمخاطرها. ويضيف: إذا ثبت العضل وهو منع الولي من تزويج البنت ممن ترغب بالزواج لأسباب نفسية يعاني منها الولي، فهو ظلم مشين محرم فعله ويجب رفعه عنها، لما ينتج عنه من مفاسد كثيرة على المرأة وعلى المجتمع كافة ويجعلها عرضة للوقوع في الرذيلة مؤكدا أن العضل ضَررٌ تُنزع به الولاية من الولي. ويؤكد الشيخ فهد أنه يحرم على الولي منع موليته أن تنكح من ترضاه؛ لقوله تعالي: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ}، كما حرم الله تعالى عضل النساء عن أكفائهن، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}. د. دلال: هناك فهم خاطئ ل «القوامة» من البعض تؤكد الدكتورة دلال محمد الحربي الأستاذ بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية أن الله سبحانه وتعالى جعل الوليَّ شرطاً في صحة نكاح المرأة، فلا يجوز للمرأة أن تتولى نكاح نفسها أو غيرها، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا نكاح إلا بولي)، فالولاية هنا للحفاظ عليها، ورعايتها، وصيانة كرامتها، و لكن الفهم الخاطئ للقوامة جعل المرأة تُعنّف، حيث إن العضل يعد من أخطر مظاهر العنف الأسري الخفي، الذي يسلب المرأة حقوقها الشرعية، وينتهك إنسانيتها. وللعضل آثار سلبية اجتماعية، ونفسية، وصحية، وسلوكية ليس فقط على الفتاة المعضولة وإنما تتجاوزها إلى الأسرة، والمجتمع بأكمله. وتشير الحربي إلى إحصائية وزارة العدل والتي كشفت أن إجمالي عدد قضايا العضل الواردة للمحاكم خلال ال 5 الأشهر الأولى لعام 1440ه (321) قضية. فيما بلغ إجمالي القضايا الواردة لعام 1439ه (738) قضية، وتصدرت منطقة مكةالمكرمة ب 288 قضية، تلتها منطقة الرياض 159، ثم المنطقة الشرقية 101، منطقة المدينةالمنورة 50، وتؤكد أن حماية حقوق المرأة و تمكينها أصبح ضرورة ملحة لتقدم ورقي المجتمعات، وهذا ما حرصت عليه الحكومة السعودية من خلال رؤية 2030م، و ما تسعى حالياً لتحقيقه من خلال أجهزتها المختلفة. كسناوى: يصيب «المعضولة» باضطرابات نفسية يؤكد الدكتور محمود محمد كسناوي أستاذ علم الاجتماع أن الإسلام أعطى الأولوية لسلامة وأمن الأسرة وقيام العلاقات بين أفرادها على المودة والمحبة لذا نهى عن العضل بجميع أشكاله لأضراره النفسية والاجتماعية وما يترتب عليه من تفكك الأسرة و المشاكل العاصفة بين الأهل والأقارب والأرحام كما أن المرأة التي تحرم من الزواج بالعضل يحدث لها اضطرابات وقلق وفي حال وجود أبناء فإن العضل يؤدي لانحراف الأبناء وتخريج أجيال تعاني من اضطراب الشخصية مطالبا برفع وعي المرأة بحقوقها التي كفلها الشرع والنظام وإلقاء الضوء على مشاكل العضل الاجتماعية والنفسية وما ينجم عنه من آثار سلبية تهدد الأسرة بالكامل. «الأعلى للقضاء»: الفصل في دعوى خلال 30 يوماً أصدر المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل رئيس المجلس الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني مؤخرا قواعد لتنظيم آلية نظر دعاوى العضل بما يعزز من سرعة الإنجاز ودعم جودة العمل نظراً لكون قضايا العضل ذات طبيعة خاصة، وحرصاً على أن تولى تلك القضايا ما تستحقه من اهتمام وأن تنجز وفق القواعد الصحيحة وبما يتوافق مع طبيعتها. ومن أهم ما تضمنته القواعد إتاحة قبول دعوى العضل من المرأة، أو من أي صاحب مصلحة في الدعوى كوالدتها أو إخوتها ولا يلزم حضور الخاطب. ولسرعة إنجاز دعوى العضل شددت القواعد على أن تفصل الدائرة في دعوى العضل المحالة إليها خلال 30 يوماً ولا يؤجل نظر الدعوى عن الموعد المقرر لها إلا عند الضرورة؛ مع بيان سبب التأجيل في محضر القضية ولمدة لا تزيد على عشرة أيام، ولا يجوز التأجيل لذات السبب أكثر من مرة. كما أتاحت القواعد أن ينظر طلب المرأة التزويج إنهاءً (دون دعوى) إذا كان مستنداً لانقطاعها من الأولياء، بفقد، أو موت، أو غيبة الولي، أو عدم القدرة على تبليغه، على أن تثبت ذلك. كما راعت القواعد خصوصية هذه الدعاوى وأجازت للدائرة القضائية أن تتخذ ما تراه لحفظ خصوصية الأطراف وسرية الجلسات، وأجازت للمحكمة أن تنظر هذه الدعاوى في المحكمة خارج وقت الدوام مراعاة لمتطلبات العقد. كما أجازت أن تفوض الدائرة من تراه مناسبًا ليقوم بإجراء عقد النكاح لدى المأذون في المكان الذي يتفق عليه طرفا عقد النكاح دون التقيد بكونه بالمحكمة. وتضمنت القواعد عدداً من البنود الأخرى التي تدعم كفاءة الأداء حيث من المتوقع أن تحقق هذه القواعد آثاراً إيجابية تدعم ضبط العمل وتسهم في التأكد من جودته وسرعة إنجاز هذه الدعاوى، ورفع مستوى القضاة الذي يتولون نظر قضايا العضل. عثمان: العضل يحرم المرأة من نصف دينها يرى عبدالله بن عثمان المحامي والمستشار القانوني أن العضل غير مبرر وتتناقض مع شرعنا الحنيف لأنه يحرم المرأة نصف دينها وحقا من حقوقها و أن سلب هذا الحق يحرم المرأة من ممارسة حياتها الطبيعية كسائر البشر و يعتبر انتهاكاً واضحاً وصريحاً في حياتها لذا عليها رفع دعوى عضل لدى المحاكم. ويؤكد بن عثمان أن العضل حالة من الواجب محاربتها لرفع الضرر عن الافراد والمجتمع ولتجنب الظواهر السلبية التي قد تتفشى معها العلاقات المحرمة فضلا عن الضرر النفسي الذي يلحق بالمرأة بغير مبرر شرعي لذلك والزج بها في التهلكة لا قدر الله مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للقضاء بالمملكة أولى تلك القضايا ما تستحقه من اهتمام وأن تنجز وفق القواعد الصحيحة وبما يتوافق مع طبيعتها لذا فقد أتاح قبول دعوى العضل من المرأة، أو من أي صاحب مصلحة في الدعوى كوالدتها أو إخوتها ولا يلزم حضور الخاطب ولسرعة إنجاز دعوى العضل شددت القواعد على أن تفصل الدائرة في دعوى العضل المحالة إليها خلال 30 يوماً ولا يؤجل نظر الدعوى عن الموعد المقرر لها إلا عند الضرورة؛ مع بيان سبب التأجيل في محضر القضية ولمدة لا تزيد عن عشرة أيام، ولا يجوز التأجيل لذات السبب أكثر من مرة. «حقوق الإنسان»: على «المعضولة» استرداد حقها الشرعي والنظامي أكدت هيئة «حقوق الإنسان» في بيان لها حول ازدياد حالات العضل إلى أن «الأنظمة السعودية تجرم قضية العضل فأوضحت المادة ال»39» من نظام المرافعات الشرعية أن للمرأة التي عضلها أولياؤها الحق في إقامة دعواها على من يعضلها»، داعيةً المرأة التي يُمارس في حقها العضل إلى اتباع الأنظمة لاسترداد حقها الشرعي والنظامي. وأشارت إلى أن العضل من الجرائم التي تمس حقوق الإنسان وكرامته وتنتهك الحق في تكوين الأسرة، وتخالف كافة القوانين والأنظمة، إضافة إلى أنها ممارسة محرمة شرعاً»، مؤكدة أن هذا النوع من القضايا يُعد «أحد أشكال الإيذاء المجرمة بموجب نظام الحماية من الإيذاء، ونتابع مع الجهات المختصة الإجراءات. 3 ملايين شاب لم يتزوجوا مقابل 2.2 مليون فتاة حددت الهيئة العامة للإحصاء، معيار عمر العنوسة للفتيات في المملكة، ب 32 سنة، وذلك طبقاً للمسوحات الأخيرة المعتمدة للخصائص السكانية، وتم حصر 230512 من الفتيات اللواتي لم يسبق لهن الزواج تجاوزت أعمارهن هذا المعيار بحيث تقدر نسبتهن 10.3% من إجمالي المواطنات غير المتزوجات وهو ما يعني أن واحدة من بين كل 10 من الإناث اللواتي لم يسبق لهن الزواج، يُمكن توصيفها على أنها بلغت سن العنوسة من بين 2.237.983 مواطنة ضمن الفئات العمرية (15-32) سنة ممن لم يسبق لهن الزواج. وكشفت نتائج المسح أيضاً عن أن 2.83 % من بين السيدات اللواتي وصلن إلى سن العنوسة، قد تزوجن عند هذا العمر، كما أظهر المسح أن نسبة السكان السعوديين الإناث ( 15 سنة فأكثر) اللواتي لم يسبق لهن الزواج بلغت 33 % من إجمالي الإناث، ونسبة المتزوجات 58.8% فيما شكلت الأرامل 5.6% وكانت المطلقات 2.5 %، فيما أوضحت المسوحات الخاصة بالحالة الاجتماعية أن 42% من الذكور السعوديين (15سنة فأكثر) لم يسبق لهم الزواج في حين بلغ نسبة المتزوجين 56.3% ونسبة المترملين 0.5% ونسبة المطلقين منهم 1.2% وأوضحت النتائج أن نسبة السعوديات اللواتي لم يسبق لهن الزواج وفق المناطق الإدارية في المملكة بلغت حدها الأدنى في الباحة بنسبة 25.57% من إجمالي الإناث بالمنطقة، في حين سجلت منطقة القصيم الحد الأعلى في هذا الجانب بنسبة وصلت إلى 35.48% بين جميع مناطق المملكة.