يعد الصلح من وسائل فض المنازعات بغير الطرق القضائية وهو وسيلة فاعلة للمحافظة على العلاقات الطيبة بين الأفراد ويقلل من كثرة القضايا وتجنب إطالة وقتها، كما أن الصلح من سمات الإسلام ومسلك من مسالك تحقيق الأخوة الإسلامية، وقد أنشأت وزارة العدل مركز المصالحة والذي يسعى إلى تسوية المنازعات صلحاً عبر مكاتب المصالحة، وتم إنشاء مكاتب المصالحة في مقرات المحاكم وكتابات العدل، وتعد منظومة المصالحة إحدى مبادرات وزارة العدل في برنامج التحول الوطني 2020 والهادفة لجعل المصالحة والوساطة خياراً مفضلاً لحل النزاعات بالتراضي ويعد محضر المصالحة بعد اعتماده من مركز المصالحة من السندات التنفيذية والذي نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من نظام التنفيذ . في العام الماضي ووفقاً لتقرير مركز المصالحة بلغ عدد القضايا المحالة إلى مكاتب المصالحة 92,287 قضية انتهت 32,032 قضية بالصلح فيما أعيدت 25,849 قضية إلى الدوائر القضائية لعدم الصلح في حين حفظت مكاتب المصالحة في جميع محاكم المملكة 30,895 قضية لعدم مراجعة أطراف القضية، ولا تزال هناك 13,126 قضية تحت الإجراء، ويقوم رئيس المحكمة بإحالة ما يرى من الدعاوى لمكاتب المصالحة بشرط عدم تقييد الدعوى فيما أكدت أحكام مكاتب المصالحة أهمية سرية وحياد ومهنية جلسات المصالحة . مؤخراً أتاحت وزارة العدل ممثلة بمراكز المصالحة للرجال والنساء التقدم على «مصلح مسجل» لدى المركز وذلك لتتيح الفرصة للأفراد من الجنسين أو القطاعات الربحية أو غير الربحية للتسجيل بصفتهم مصلحين لممارسة عملية المصالحة خارج قاعات المحاكم أو داخلها بحيث تكون المحاضر الصادرة عن ذلك الصلح سندات تنفيذية بعد اعتمادها إلكترونياً من مركز المصالحة للوزارة، وقد كان الإقبال على التقديم كبيراً إذ بلغ 17 ألف شخص سجلوا كمصلحين خلال 20 يوماً من افتتاح التسجيل في مركز المصالحة 46% منهم نساء و 54% رجال وقد تنوعت تخصصات المتقدمين من أساتذة جامعات وأطباء ومحاسبين ومحامين ومعلمين ومهندسين من حملة الشهادات الجامعية العليا ويشترط على المتقدمين الالتزام بتقديم 10 جلسات خلال العام بحد أدنى ويتبع التسجيل إجراءات أخرى منها اجتياز اختبار القدرات والدورات والمقابلات الشخصية . الصلح بين أفراد المجتمع فيه خير كبير فهو يحقن الدماء ويحافظ على الأعراض والأموال ويحمي من التفكك والفرقة والانقسام ويلم شمل الأسر ويحميها من الشقاق والفراق، كما يساهم الصلح في تخفيف الأعباء على القضاء والادعاء ويحفظ الأيمان ويبرىء الذمم، وما شهده ذلك التسجيل من إقبال كبير على مكاتب المصالحة يؤكد بأن مجتمعنا يحرص على أن يسود الود محل القطيعة والمحبة مكان الكراهية وأن تنتشر السعادة والألفة بين أفراد المجتمع بعيداً عن قاعات المحاكم وأحكام القضاة.