تنتشر أخبار بأن وزارة الصحة تعتزم تقليص عدد مراكز الرعاية الصحية الأولية بسبب انخفاض عدد المراجعين لها، وبالنظر إلى معايير وزارة الصحة نجد أنها فقدت مصداقيتها لدى المواطن بسبب نتائج تلك المعايير التي رفعت مستوى مستشفيات لم تحقق رضا المراجع على حساب مستشفيات ومراكز متقدمة من حلم المواطن أن يتعالج فيها، لما تمتلكه من إمكانيات وكوادر طبية متفوقة وإحالات من مراكز طبية أخرى وزحمة مواعيد. ولو أعادت وزارة الصحة النظر في أسباب انخفاض معدل المراجعين للمراكز الصحية الأولية وعزوفهم عن المستشفيات التي أصبحت تزيد من تعقيداتها في استقبال المرضى، لوجدت أن الأسباب في يدها قبل أن تكون في يد المواطن الذي هو بحاجة إلى العناية الطبية الجيدة، فنادراً ما تجد مركز رعاية صحية أولية مكتملاً بعياداته وطاقمه الفني والإداري على أرض الواقع، أمّا ما في السجلات وعلى الأوراق فهذا لا نعلمه، وإن كان ما يشاع بأن هناك موظفين على مُلاك المراكز الصحية يعملون في أماكن أخرى بمدن أخرى خلاف المدينة التي بها المركز الصحي، أضف الى أن ذلك النقص الحاصل في جودة الخدمة الطبية دفع المقتدرين والمضطرين للبحث عن العلاج في المراكز الطبية الخاصة مما زاد معاناتهم. وتعتمد وزارة الصحة في بعض معايير تقييمها على الزائر السري الذي يشبه في زياراته المفتش التربوي الذي يزور المدرسة ويقيمها من زيارة واحدة لفصل دراسي واحد، وهذه الخطوة مع احترامي لها لا تقيّم الواقع بشكل حقيقي، وغالباً ما تكون نتائجها بعيدة كل البعد عن المنطق، فهي إما أن تصادف مستوى معيناً من ظروف خاصة للجهة المزارة بالإضافة إلى عاطفة الزائر وما يتمتع به من حيادية أو انحياز أو هروب من المسؤولية في تقييمه، فهو في الأخير إنسان معرض في قراراته للخطأ والصواب. إن اعتماد وزارة الصحة على لغة الأرقام مؤشر جيد ولكن أن يأتي في قولبة المراجعين وإدخالهم في قنوات ونقاط متسلسلة تكون فيها جودة الخدمة عند أول مواجهة لا ترتقي لطموح المواطن ولا تحقق رضا المراجع فإن الرعاية الأولية مسمى بلا فعل!.