لا يزال الجدل مستمرًا حول قرار تطبيق رسوم التبغ بنسبة 100% على المطاعم التي تقدم ضمن خدماتها (المعسل أو الشيشة) وجاء هذا القرار مفاجئا لأصحاب المطاعم والكافيهات إلى جانب الزبائن الذين عزفوا بمجرد تطبيق القرار عن ارتياد هذه المطاعم والمقاهي خوفا من تحميلهم رسوم التبغ حتى وإن لم تكن ضمن طلباتهم، إذ ينص القرار بمضاعفة الفاتورة لكل منتجات المطعم بنسبة 100% ما اعتبره البعض أمرًا غير مفهوم. وكانت المطاعم واجهت عزوفًا كبيرًا من المرتادين كبدها خسائر كبيرة خلال الأيام العشر الماضية على حد قولهم رغم لجوء البعض منهم الى تخفيض الاسعار والقيام ببعض الإجراءات لتخفيف الأثار. وللوقوف على الموضوع وحيثياته بالكامل قامت «المدينة» بجولة على عدد من المطاعم والمقاهي ورصدت حالة الركود واطلعت على وجهة نظر ملاك هذه المطاعم والكافيهات. مقطع فيديو يغضب أصحاب المطاعم والكافيهات في البداية عبر عدد من أصحاب المطاعم والكافيهات عن استيائهم للمقطع المصورالذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لرجل يشرح رسوم التبغ ويوضح أنها لا تشمل كافة أصناف المطعم وإنما هي خاصة فقط بالتبغ، والذي يقدم في المطاعم والكافيهات في شكل (شيشة أو معسل). يقول صاحب مطعم شهير بجدة وله أكثر من 35 سنة في سوق المطاعم والمقاهي إن الرجل الذي تداول الناس مقطعه وهو يشرح لهم ضريبة التبغ مع احترامنا للجميع لا يفقه في النظام شيئًا، ذلك أنه شرح النموذج الذي صوره في السناب، موضحًا رسوم التبغ وكيف تديل ثم عاد وشرح في المثال الثاني إن الفاتورة التي لا تشمل المعسل أو الشيشة والتي كانت 50 ريالا وأصبحت 105 وهذا معناه أن الضربية طبقت على الفاتورتين التي تحتوى التبغ والتي لا تحتوي التبغ، ولذلك لابد أن يفهم الناس أن كل ما يتداول في التواصل الاجتماعي لا يرد من مصادر متخصصة ولها خبرة وإنما اجتهادات للأسف في الأغلب تضلل الناس. أصحاب المطاعم: تعميم «ضريبة التبغ» هي المشكلة أكد رجل الأعمال حسين عشماوى وصاحب سلسلة مطاعم النخيل بجدة أن القرار معروف من السابق وتم الإعلان عنه وليس لدينا أي اعتراض، بل بالعكس نحن مع الدولة في أي قرار يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، ولكن عتبي هو ليس على القرار، وإنما على آلية تنفيذ القرار في رسوم التبغ التي كانت واضحة أن تكون على التبغ ومشتقاته وما يندرج تحته وأن تكون بنسبة 100%، لكن المشكلة هي تعميم ضريبة التبغ هذه على كافة الأصناف التي يقدمها المطعم الذي يقدم التبغ بمعنى أن تتضاعف فاتورة المأكولات والمشروبات أيضًا لمجرد أنها تقدم في مطعم يقدم الشيشة والمعسل. أما مروان عبد القادر صاحب مقهى فقال: كنا نعلم بضريبة التبغ منذ الإعلان عنها من سنوات لكن ما فاجأنا به هو أن تشمل كل قوائم المطعم من مأكولات ومشروبات وليست فقط على التبغ وهذا لايمكن ان اشرح مدى الضرر الذي لحق بنا منه فمنذ الإعلان عن التبطبيق ونحن نواجه عزوفا من الزبائن بشكل لم يحدث لنا من قبل والآن وبعد مرور 10 أيام إن استمر الوضع على ذلك فلن نستطيع أن نستمر في السوق. مواطنون: لماذا ندفع هذا المبلغ الخيالي؟ يقول منصور محمد: اعتدت فى نهاية الأسبوع أن أحدد موعدا مع الشباب في أحد المطاعم أو المقاهي لمتابعة مباراة أو للحديث بعد أسبوع عمل طويل وكنا نختار مطعما أو مقهىً يقدم خدمة المعسل أو الشيشة، خصوصا أننا لا نشربها إلا في نهاية الأسبوع ويمكن أن نتعشى في نفس المطعم وهذه عادة لي مع الشباب زملائي مداومين عليها لأكثر من 10 سنوات، لكن فؤجئنا بتطبيق قرار ضريبة التبغ 100% الأمر الذي جعلنا نحجم عن التجمع في المقهى أو المطعم. وأضاف: ما سندفعه سيكون خياليًا ومبالغًا فيه حتى ولو تقاسمناه وبصراحة أصبحنا نفكر في أن نأخذ مكانًا عند أحد الزملاء والجلسة بالعشاء لن تكلفنا فواتير المطاعم برسوم التبغ وضريبة القيمة المضافة، ولذلك لن نرتاد المطاعم ناهيك عن أن القرار تضمن حتى الفواتير التي لا تشتمل على التبغ ستضاعف وهذا بصراحة فوق امكاناتنا. توصيات مهمة للخروج من «الأزمة» خرجت الدراسة بتوصيات للحد من الآثار السلبية لرسوم التبغ المفروضة عليهم وهي اقتصار قرار تحصيل الرسم من إجمالي فاتورة المبيعات ليكون فقط على تقديم منتجات التبغ وليس على إجمالي فاتورة المبيعات وإرجاء تطبيق القرار لفترة انتقالية تتراوح بين سنة إلى سنتين حتى يتسنى للمستثمرين من أصحاب المطاعم والمقاهي ترتيب شؤونهم المالية واللوجستية، أيضا أوصت الدراسة بتخفيض نسبة الضريبة المقررة على التبغ لتصبح 50% كحد أعلى وتطبيق جميع المحلات التي تقدم خدمة التبغ جميع الاشتراطات الصحية اللازمة لتحقيق الهدف الصحي الوطني وحسب نظام مكافحة التبغ وتوفير أماكن مستقلة لغير الموظفين منفصلة عن أماكن المدخنين. إيقاف «التبغ» لمواجهة العزوف بعد جولة قامت بها «المدينة» على عدد من المطاعم والمقاهي التي تقدم منتجات التبغ اتضح ان هذه المطاعم بدأت في مواجهة العزوف الشديد من قبل الزبالين بعدة إجراءات أهمها إيقاف تقديم التبغ وإلغاء تصاريح بيع منتجات التبغ لمواجهة عدم الإقبال الشديد خلال الأسبوعين الماضين من تنفيذ القرار . 70 مطعما ترفع مذكرة: ارحمونا من «الضرر» بالرجوع للقرار فقد رفع أكثر من 70 مطعما في جدة مذكرة لرئيس الغرفة التجارية بجدة (المدينة حصلت على نسخة منه) وأرفقوه بدارسة جدوى اقتصادية مرتكزين على جزئية أن مطاعم ومقاهي جدة هي الوحيدة ومنذ سنوات طويلة تقدم منتجات التبغ وفقا للوائح والأنظمة وانه تم التوسع في هذا النشاط ليصل تقريبا إلى نحو 900 مطعم وبالتالي فضريبة التبغ ستعكس الضرر الكبير الذي سيقع على الاستثمارات وتأثير ذلك على الناتج المحلى الاجتماعي إلى جانب تأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية الأخرى بتطبيق القرار الخاص بتحصيل 100% من إجمالي فاتورة مبيعات محلات تقديم منتجات التبغ داخل المدن وخارجها وبينت المذكرة أن تبعيات القرار ستكون ملحقة الضرر للمستثمرين وستجعلهم في قضايا وملاحقات ستتسبب في إغلاق 80% من المطاعم والمقاهي في جدة.. وبينت الدراسة التي رفعت من قبل 70 مطعما في جدة أنهم لا يعترضون على القرار الذي يهدف إلى الحد من انتشار التبغ لكن الإشكالية تكمن في تحصيل الرسم بنسبة(100%) على إجمالي فاتورة مبيعات محلات التبغ والتي سيكون لها آثار سلبية على البعد الاقتصادي والاجتماعي والسياحة في المملكة. وأشارت الدراسة إلى أن الآثار الاقتصادية ستكون في تحقيق خسائر لمستثمرين نتيجة عزوف العملاء عن ارتياد المطاعم والمقاهي التي تقدم خدمة التبغ مقارنة بالمطاعم التي لا تقدم هذه الخدمة وهذا أدى إلى ضعف الطلب نتبجة ارتفاع الفاتورة مقابل الأغذية والمشروبات المطلوبة وتحميلها برسوم اضافيه بنسبة 100% ثانيا ونظرًا لقيام أصحاب المحلات بتوسيع مطاعمهم وضخ استثمارات في المباني والديكورات والتجهيزات والعمالة والإيجارات والارتباطات مع الموردين والبنوك فان جميع تلك الارتباطات سيترتب عليها التزامات ماليه تم إنفاقها بالفعل أو سيتم الوفاء بها مستقبلا، وبالتالي سيترتب على الالتزام بها التعرض إلى الملاحقات القضائية، فضلا على توقع الإغلاق وتصفية النشاط. رأي قانوني: الازدواج الضريبي أهم الإشكاليات قال المحامي القانوني جدعان السعدون ل «المدينة» إن الوعاء الضريبي (التبغ) سبق وأن فرضت عليه ضريبة انتقائية بنسبة (100%)، و(%5) ضريبة مضافة، تليها هذه الرسوم التي تعتبر ضريبة مبيعات في حقيقتها، وبالتالي فإنّ هذا الوعاء فرض عليه أكثر من ضريبة وهذا الأمر يعني أن هناك ازدواج ضريبي داخلي على هذا المنتج، أو (رسمان) لوعاء واحد، أحدهما يعادل قيمة المنتج. وفي اعتقادي أن القرار استهدف المحلات التي تقدم التبغ أو ما يسمى: بالمقاهي الشعبية؛ لأنها لا تقدم إلا هذا المنتج، بينما المطاعم والفنادق والمقاهي الفاخرة تقدم مع هذا المنتج الأطعمة والمشروبات، وقد يرتادها الشخص بقصد المأكل والمشرب فقط، وخاصةَ الأماكن غير المغلقة، وعليه فان هذا الرسم الإجمالي (الضريبة) قد يدعو هذه الأماكن إلى التجنب الضريبي، وهو ما يمسى لدى القانونيين: التهرب الضريبي المشروع، بحيث يسعى الممول إلى تقليل الربح الخاضع للرسم باستغلال ثغرة من ثغرات النظام، أو بالإعلان عن قيمة أقل من قيمة المنتج، أو وضع المأكولات بسعر رمزي مع رفع قيمة التبغ وهكذا. وهذه الإشكالات وغيرها سببه عدم تحرير الفرق بين المصطلحات ومآلاتها. البلديات: 940 للإبلاغ عن المخالفين شرعت فروع الأمانات والبلديات في مختلف المناطق والمحافظات في ملاحقة المطاعم التي تخالف الأنظمة والتعليمات الجديدة والقيام بإغلاق المخالف منها فورا وتطبيق الغرامات المالية اللازمة. ودعت وزارة الشؤون البلدية المستهلكين إلى الإبلاغ عن أي مخالفات من خلال الاتصال بالرقم 940، حيث سيتم اتخاذ اللازم تجاه المحلات المخالفة. وتتضمن لائحة رسوم تقديم منتجات التبغ الصادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية على رسوم ترخيص نشاط تقديم منتجات التبغ في المطاعم والمقاهي في ثلاث مناطق (أ- ب - ج) في التصنيف الأول من 10 آلاف ريال إلى 30 ألف ريال، والمنطقتين (أ - ب) في التصنيف الثاني من 10 آلاف ريالا إلى 20 ألف ريال، و15 ألف ريال (التصنيف الثالث) و10 آلاف ريالا (التصنيف الرابع) و5 آلاف ريالا (التصنيف الخامس) كمقدار رسم لاستخراج الرخصة. بينما يزيد السعر للمطاعم أو المقاهي في الفنادق فئة الأربع والخمس نجوم لتصل إلى 50 ألف ريال سنويا. منظمة الصحة العالمية تؤيد رفع الاسعار من جانبها قالت وزارة الصحة السعودية: إنه «وفقا للدراسات العلمية: كلما زادت الرسوم على منتجات التبغ كلما قل استهلاكها»، وكشفت الوزارة في في تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الاسبوع قبل الماضي عن ان أثر زيادة أسعار منتجات التبغ حسب منظمة الصحة العالمية، كلما بلغ 10% زيادة في أسعار منتجات التبغ، يؤدي إلى 4% انخفاضا في استهلاك منتجات التبغ.