مضت أربع سنوات على دمج التعليم العام والعالي في وزارة واحدة، ويترقَّب الوسط التعليمي اليوم إقرار مجلس شؤون الجامعات الآلية الخاصة بنظام الجامعات الجديد، والذي وافق عليه مجلس الشورى خلال العام الماضي، ويتطلع المختصون إلى معرفة نتيجة تقييم تلك الفترة الزمنية (4 سنوات)، والتي تم خلالها دمج التعليم العام مع التعليم العالي في وزارة واحدة. تجربة دمج التعليم العام مع التعليم العالي في وزارة واحدة كانت بهدف توحيد إستراتيجيات التعليم وخططه وسياساته، وتبادل الخبرات والقدرات والكوادر البشرية المتميزة، والاستفادة من البحوث العلمية من أجل تطوير وتحسين طرق ووسائل التعليم، إضافةً إلى توحيد سياسات التعليم وارتباطها برئيس واحد لسد الفجوة التي كانت موجودة في السابق، وتوفير الجهد والوقت، وإلغاء العديد من المجالس واللجان المتكررة بين التعليم العام والعالي، والتركيز على توفير منتج واحد للعملية التعليمية، وهو إيجاد مواطن صالح يتمتع بحصيلةٍ علمية مميزة ومهارات وقدرات عالية وتحسين مخرجات التعليم بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل. البعض يُطالب اليوم بإعادة فصل التعليم العام عن التعليم العالي بدعوى أن التعليم العام يستحوذ على الاهتمام المالي والإداري الأكبر، إضافةً إلى التركيز على تطوير وتحسين مخرجات التعليم العام، مما ألقى بظلالٍ سلبية على التعليم العالي، في حين يرى البعض أيضاً ضرورة العمل على تمكين الجامعات من استقلاليتها بشكلٍ تام في النواحي الإدارية والمالية، ليتوافق مع رؤية المملكة 2030 بشأن خصخصة الجامعات الكبرى، خصوصاً وأن حِمل التعليم العالي ثقيل على وزارة التعليم، إذ هناك 28 جامعة حكومية والعديد من الجامعات والكليات الأهلية وأكثر من نصف مليون موظف، إضافةً إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وغيرها من المهام التعليمية الأخرى. الدمج والفصل لهما إيجابياتهما وسلبياتهما، غير أن قرار الدمج جاء ليساهم في سد الفجوة بين التعليم العام والعالي، والتوافق بين مخرجات التعليم العام ومدخلات التعليم العالي، حيث قلَّت أهمية الشهادة الثانوية في ظل وجود اختبارات القياس والقدرات، إضافةً إلى وجود السنة التحضيرية الحالية في كثير من الجامعات، ومحاولة سد الفجوة الموجودة أيضاً بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وكل تلك التحديات تطلَّبت وجود منظومة تعليمية متكاملة ذات رؤية مشتركة وخطط موحدة، وأهداف يمكن من خلالها توزيع الأدوار بين المنظومتين لتحقيقها، وهذا ما يجب أن يتم قياسه الآن بعد مرور أربع سنوات على تلك التجربة، أسوة بما يتم في العديد من القرارات، والتي يتم اتخاذها ويُعاد النظر فيها، ولعل آخرها فصل وزارة الصناعة عن الطاقة.