أثار أبو العلاء المعري جدلًا بين المتحدثين عنه في ندوة «فيلسوف الشعر» التي أقيمت مساء أمس الأول ضمن أولى فعاليات البرنامج الثقافي لسوق عكاظ في دورته الثالثة عشر لهذا العام بمدينة الطائف. وفي المداخلات التي شهدتها الندوة، قال الدكتور محمد عبدالرزاق مكي في مداخلته، إن أبو العلاء المعري شاعر فقط لا فيلسوف، وما جاء في أقوال المتحدثين عنه خارج إطار الحقيقة والتي تنفي الفلسفة في شاعرية المعري. واعترض مكي على عنوان الندوة وقال إنه عنوان قديم، وما تطرق له المتحدثين مكرر، فلا يعنينا المعري وولادته ونشأته، ما يعنينا النظرة النقدية والفلسفية في شعره. كانت فاتحة الندوة مع الدكتور نبيل الحيدري الذي قال: «فيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري»، مُنِح الذكاء بحافظة عجيبة، وروح ساخرة، وثقافة واسعة، ولم يؤثر العمى في ثقافته، فقد كان شديد الذكاء، يسمع الكتاب مرة واحدة فيحفظه، عشق بغداد فارتحل إليها لأنها آنذاك تعيش في عصرها الذهبي، فأثرت في قوته في اللغه العربية، فجعلت منه فيلسوف الشعراء، وصاحب رؤية متماثلة، ويتطرّق إلى مواضيع بجماليات تتناص مع نظرية المعرفة، وما رسالة الغفران واللزوميات إلا مثال لإبداعه وتألقه، وهيهات أن يأتي مثله. بدورها، تطرّقت الدكتورة كاميليا عبدالفتاح إلى الشاعر المعري وتصدّيه لجميع الظروف التي أحاطته لتجعل من شعره عالميًا، رغم ما يحيط به من أزمات، ومنها أزمة العمى، والمجتمع، ولم يكن العمى إلا جسرًا لوعيه وأناقته الشعرية، فهو يعتبر الشاعر الرائي، وإن فقد عينيه، إلا أنه يمتلك عينا داخلية صنعت صياغة لغوية وشعرية في تشكيل فني رائع، وما تناوله لدرع وتشكله الجمالي الذي جعل من الدرع أمانًا وعينًا للمبصرين، ووضع الدرع موقف وفق رمزيات معينة، وجعل من المرأة درعًا في رؤية فلسفية جديدة. ومن جانبه، تناول الدكتور عبدالله الزهراني «رسالة الغفران» والمعايير التي اعتمد عليها المعري في إصدار أحكامه على الشعراء وتصنيفهم، وقال: المعري صاحب علم الفكر والفلسفة، ولعل تصنيفه للشعراء جاء من وجوده في مجتمع متعدد الأديان، فتشكل هذا التنازع في الدين في مجتمعه إلى خلق مشهد مسرحي تجسّد في تصنيف مدهش للشعراء من منطلق نظرته للنص. وتناولت المتحدثة الرابعة في الندوة الدكتورة بسمة عروس، المعري بين الفكر والوجدان، ولقرابة الفلسفة والشعر واللغة، فأحدث في الشعر الفلسفي نقلة تاريخية، وهذا يجعلنا نعيد رأينا في توظيف المعري للغة. كما شهدت الندوة مداخلات أخرى للدكتور أحمد الهلالي وعطالله الجعيد. «تراتيل العزلة» في انطلاقة الشعر في أولى الأمسيات الشعرية، حضر الشعر بأمسية بدأها شاعر عكاظ محمد يعقوب ب «تراتيل العزلة»، أعقبها ب «اتكاء»، ثم «قميص لأوراق بيضاء». وصافح الشاعر الحبيب الأسود الجمهور ب «مائة رسالة حب» و»الطائف» ليودعهم ب «أهواكِ». وألقى الشاعر إبراهيم الرواحي «مسقط الحب» و»سعاد» و»خامسة الجهات» و»تمتمات». فيما ألقت الشاعرة تهاني الصبيح «يوم ميلادي» و»سدة المعنى». والختام مع الدكتور راشد القثامي ب «أنشودة عربية» ونص «وطني». الأمسية أدارتها د. مستورة العرابي. وتقام اليوم ندوة بعنوان «القصيدة العربية المغناة»، وبعدها أمسية شعرية.