النجاح الكبير الذي تحقق لموسم حج هذا العام وتمكين الحجاج من أداء شعيرتهم في يسر وسهولة لم يأت خبط عشواء، كما يقال، وإنما جاء بتوفيق من الله عز وجل ثم نتيجة جهود بذلت وتخطيط مسبق وخطط عملية أعدت وفق أسس علمية وتجارب سابقة ورصيد كبير من الخبرات المتراكمة لدى جل العاملين في الجهات الحكومية والأهلية المشاركة في خدمة الحجيج. والمتأمل الحصيف يلحظ أن النجاح المتميز الذي تحقق هذا العام كان نتيجة طبيعية لأربعة أسباب رئيسة بعد توفيق الله عز وجل: أولها التناغم والانسجام بين كل الجهات الحكومية والأهلية المشاركة في موسم الحج، الذي ساهم في توحيد الجهود وتطابق الآراء ووحدة العمل، مما أثمر في قيادة السفينة إلى بر الأمان، وهذا التناغم والانسجام كان نتيجة طبيعية لورش العمل المكثفة والتي انطلقت منذ انتهاء موسم الحج الماضي وشهدت تحليلا علميا لكل الخطط وما صاحبها من ملاحظات خلال عملية التنفيذ العملي وتم وضع الحلول الايجابية لهذه الملاحظات حرصا على تجويد العمل وتقديم خدمة متميزة لضيوف الرحمن. وثاني أسباب النجاح الكبير لموسم الحج هو التزام مكاتب شؤون الحج في الدول التي قدم حجاجها بالتعليمات والضوابط التي اطلعتهم عليها وزارة الحج والعمرة وحرصهم على توعية حجاجهم باتباع التعليمات، التي تمكنهم من أداء حجهم في سكينة وطمأنية ويسر وسهولة، حيث عقد وزير الحج والعمرة الدكتور محمد صالح بنتن قبيل موسم الحج العديد من الاجتماعات مع مكاتب شؤون الحج في الدول العربية والإسلامية، وأكد لهم حرص حكومة المملكة على راحة الحجاج وضرورة قيام الدول العربية والإسلامية بتوعية حجاجها والتاكيد عليهم بالالتزام بالتعليمات والضوابط التي تعينهم على أداء الشعيرة التي قدموا من أجلها. وثالث الأسباب الجهود الكبيرة، التي بدأتها الأجهزة الأمنية بمتابعة ميدانية من معالي مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية للحج القريق أول ركن خالد بن قرار الحربي والمتمثلة في منع دخول المقيمين إلى مكةالمكرمة من مطلع شهر ذي القعدة الماضي، وإحكام الرقابة على المنافذ البرية المؤدية إلى العاصمة المقدسة لمنع تسلل الحجاج غير النظاميين إلى المشاعر المقدسة، وكان لهذه الرقابة الأثر الكبير في إعادة ما يقارب نصف المليون حاج غير نظامي، والذين لو تم دخولهم إلى المشاعر المقدسة لأربكوا الخطط الموضوعة ولافترشوا الشوارع وأعاقوا حركة المشاة والمركبات. والخطوة التي طبقت في موسم الحج الماضي وتم التوسع فيها في موسم حج هذا العام والمتمثلة في نفرة حجاج الخارج المتعجلين الى مساكنهم من منى مباشرة دون نقلهم الى الحرم الشريف وتمكينهم من الطواف والسعي في الأيام القادمة وفقا لرحلات مغادرتهم، مما ساهم بشكل كبير في تخفيف الكثافة البشرية المتجهة إلى المسجد الحرام، وكذا الطرقات المؤدية إليه وإفساح المجال أمام حجاج الداخل المتعجلين والحجاج وغيرهم من للطواف والمغادرة. وهذه العوامل الأربعة كانت السبب الرئيس في إنجاح موسم حج هذا العام، بعد توفيق الله عز وجل، وإشراف القيادة الحكيمة المباشر على راحة الحجاج وتنقلاتهم واطمئنانها على توفر كل الخدمات لهم وتوجيهاتها المستمرة بتقديم خدمات متميزة لضيوف الرحمن.