أضحى الوادي التراثي في مهرجان الأطاولة الخامس بمنطقة الباحة أحد أهم الوجهات التي ينشدها زوار ومرتادو المهرجان، كونه أعاد العديد من المهن القديمة مثل السقاية والزراعة والحرث والحصاد وتبعاتها للذاكرة. ويعتبر الوادي امتدادًا لما تنتهجه إدارة المهرجان ممثلة في لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالأطاولة لإحياء التراث القديم ومحاولة ترسيخ ذلك في مخيلة الأبناء. وقد وقف وراء تطوير الوادي منذ بدء العمل فيه، علي بن سعد بن ساعد، بدعمٍ من لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالأطاولة، وشرع في وضع لمساته بفكرةٍ بسيطة تمخض عنها هذا المشروع، حيث اجتمعت في هذا الوادي مقومات الزراعة قديمًا بداية من إنشاء البئر الحجرية التي تُعد مصدرًا أساسيًا للري قديمًا وبعد ذلك تم بذر الوادي بمخلتف الحبوب التي كان يحرص على زراعتها الآباء والأجداد قديمًا كالقمح والشعير والذرة ومن ثم استخدام الدواب المختلفة من الثيران والأبقار والحمير في حرث الأراضي وسقايتها مرورًا بحمايتها من الطيور التي قد تتسبب في إتلاف المحاصيل ببعض الأدوات المبتكرة في ذلك الوقت بما يسمى المقلاع وغيره من الفزّاعات. مرحلة الحصاد وبعد رعاية المزروعات والمراقبة المستمرة يأتي وقت حصاد المحصول وتخزينه لفترة وجيزة، تأتي بعدها مرحلة استخراج تلك المحاصيل بطرقٍ بدائية بنشرها في مساحة كبيرة تسمى (الجرين) وهو مكان مخصص لفرز الحبوب عن العُصد وفصلها في مرحلة أولى بواسطة الثيران وربطها بما يسمى (الضمود) وهي عبارة عن خشبة كبيرة تربط الدابتين ببعضهما البعض لسرعة الحصاد وبهما حبلٌ متدلٍ يُربط به صخرة متوسطة الحجم تمسى (الخوُرمة) والهدف منها فصل الحبوب عن التبن في مراحله الأولية، ومن ثَم يتم جمعه مجددًا ويقوم الزُراع بمرحلة أخرى تسمى (الذراية) وهي رمي المحصول في الهواء الطلق والذي بدوره ينتشر في الجو تاركًا الحبوب تتساقط في الأسفل حتى يصبح كومة كبيرة وتكرر تلك العملية مرارًا حتى يتم استخلاص الحبوب وخلوها من الأعواد التي تصبح فيما بعد هامة في البناء بعد خلطها مع الطين وتُجمع الحبوب بعد تلك المراحل في أكياس مخصصة لها ليتم تخزينها بطريقة تحفظها من الحشرات والسوس الذي قد يهدر ذلك المحصول لمجرد سوء تخرينه. يأتي بعد ذلك طحن الحبوب بما يسمى (الرحاة) وهذا فقط في حال احتاجت العائلة لإعداد الطحين (الدقيق) الذي كان الوجبة الرئيسة في ذلك الزمان وإلى عهدٍ قريب. إقبال لافت ويشهد الوادي إقبالًا كثيفًا من الزوار والأهالي، كما زار الوادي التراثي العديد من الوفود الأجنبية والشركات والمؤسسات، وبعض الشخصيات في المنطقة منهم رجل الأعمال غرم الله بن رداد العاشي ورجل الأعمال سعيد العنقري والشيخ عبدالعزيز بن رقوش والدكتور سعيد أبوعالي وغيرهم من الأعيان والوجهاء الذين قدموا شكرهم للجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالأطاولة على هذا المجهود الرائع في إحياء تراث الآباء والأجداد. منتجات شعبية وحرف ويحظى مهرجان الأطاولة التراثي الخامس برعاية من صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الباحة وبإشراف من إدارة المهرجانات والفعاليات بإمارة المنطقة وهو امتداد لفعاليات المنطقة، ويمتاز هذا المهرجان بتنوع أركانه وجنباته بدءًا بالدكاكين القديمة والتي ما زالت تحمل ذات الطابع التاريخي لمن عمل فيها مع تنوع المنتجات التي تم عرضها ما بين الشعبية والحِرفية والمنتجات المحلية من أكلات تتميز بها المنطقة وما كان يجلبه بعض الباعة من خارج الباحة، بالإضافة إلى الأركان المهنية التي كان يزاولها الآباء والأجداد في القِدم وأحياء التراث والموروث الشعبي بمشاركة العديد من الشعراء.