ان مما نهى الله عنه سوء الظن بالناس، فقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ). فالظن السيىء الذي يجب اجتنابه في الآداب العامة في المجتمع الإنساني كله، لا يقدم عليه إلا جاهلٌ، فقد يترتب على سوء الظن هذا أحكام غالبها مظالم تنفر منها المجتمعات الإنسانية الراقية، فما بالك بمجتمع إسلامي نقي يسعى للاستمساك بأحكام خير دين على وجه الأرض (الإسلام) فهو في عرفه كبيرة من كبائر الذنوب التي نهى الله عنها، وهو تعبير عن ايذاء المسلمين والمؤمنين الذي حرمه الله ونهى عنه في محكم كتابه، فقال عز وجل (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)، فمن يؤذي المؤمنين والمؤمنات فيظن فيهم من الأوصاف والأفعال ما ليس فيهم يذمهم بها ويشوه سمعتهم، ويغتابهم بها في كل مجلس وعبر كل وسيلة إعلام، لاشك أنه من هؤلاء الذين تحدث عنهم الله في هذه الآية الكريمة، وذم فعلهم، وشرط ذلك ألا يكون ما ادعاه فيهم لم يكتسبوه لهم أفعالاً أو أخلاقًا وإنما هو مجرد بهتان لهم بذكر ذلك عنهم، والإثم العظيم المبين هو ما اكتسبوه بذلك، وهو بعيد عن الخير، وكل ما جاء في الشرع وله عقوبة فهو من كبائر الذنوب لاشك في ذلك، ولأن هذا البهتان يسري في المجتمعات كما تسري النار في الهشيم، كان الأمر باجتناب كثير من الظن لما فيه من الإيذاء للمؤمنين، وهو ما نلاحظه اليوم في كثير من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في تويتر وفيسبوك وأخواتهما على ساحات الإعلام الجديد التي تمتلىء بالبهتان والغيبة المحرَّمَين شرعًا، ولا يزال الناس يستعملونها دون وجل، وكان الأفضل لمجتمعاتنا المسلمة ألا تستخدم هذه الوسائل إلا وفق ضوابط تمنع الناس من الوقوع في الآثام البينة الواضحة، حتى لا يقع الناس في المحرمات والآثام بسهولة كما نرى اليوم أن هذا يتجاوز الأمر فيه الأفراد إلى الحكومات فمنها من ينفق أموال شعبه على إيذاء الدول الأخرى فينسب اليها بهتانًا ما لم تفعله، ويظن أنه يسيء اليها بذلك ويقيم الدنيا ويقعدها ضدها وحتى أصبح الإعلام بذلك موبوءًا.