أعربت الصين عن أسفها لقرار ايران تجاوز الحد المسموح به لمخزونها من اليورانيوم المخصّب بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لكنها اعتبرت أن "الضغط الأقصى" الذي مارسته الولاياتالمتحدة هو "السبب الرئيسي" للتوترات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ في مؤتمر صحافي دوري "ندعو جميع الأطراف لرؤية هذا الأمر من منظور طويل الأمد وشامل وممارسة ضبط النفس والتمسك بالاتفاق النووي الإيراني معاً بهدف تجنب المزيد من التصعيد في ظل الوضع المتوتر". ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء طهران إلى "العودة من دون تأخير" عن تجاوز مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب الحدّ المنصوص عليه في الاتفاق الموقع عام 2015 حول برنامجها النووي. وأفاد بيان أصدرته الرئاسة الفرنسية أن ماكرون "أخذ علماً بقلق" بإعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين. وأضاف قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي "طلب من إيران العودة من دون تأخير عن هذا التجاوز" و"الامتناع عن أي تدبير إضافي من شأنه أن يمس بالتزاماتها النووية". وذكّر ماكرون "بتمسّكه بالاحترام الكامل لبنود الاتفاق النووي المبرم عام 2015" مشيراً إلى أنه "سيواصل في الأيام المقبلة الإجراءات التي اتخذها لكي تتقيّد إيران بشكل كامل بالتزاماتها وتواصل الاستفادة من المنافع الاقتصادية للاتفاق"، وفق الإليزيه. فيما حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين إيران بأنّها "تلعب بالنار" بعد إعلانها أن مخزونها من اليورانيوم المخصبّ تجاوز الحدّ المنصوص عليه في الاتّفاق النووي الموقع عام 2015 والذي انسحبت منه واشنطن. ودعت إسرائيل الدول الأوروبية إلى فرض عقوبات على إيران في حين أعربت روسيا عن أسفها لكنها قالت إن خطوة إيران جاءت نتيجة الضغوط الأميركية التي دفعت بالاتفاق نحو الانهيار. من جهتها، دعت بريطانياطهران "إلى تجنب أي خطوات إضافية" خارج إطار الاتفاق النووي فيما قالت الأممالمتحدة إن على إيران احترام التزاماتها بموجب الاتفاق. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لوكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية "إسنا" إن مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب تجاوز "حدّ ال300 كلغ" المنصوص عليه في الاتفاق النووي. لكنه أشار غلى أن إيران قد تتراجع عن هذه الخطوة. وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض ردّاً على سؤال عمّا إذا كانت لديه رسالة لإيران "إنهم يعرفون ماذا يفعلون. يعرفون بماذا يلعبون وأعتقد أنهم يلعبون بالنار". وانسحبت الولاياتالمتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي وأعادت فرض عقوبات على إيران استهدفت الصادرات النفطية والمعاملات المالية وقطاعات أخرى. وسعت طهران إلى الضغط على الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق لانقاذه، فأعلنت في الثامن من أيار/مايو أنها لن تعود ملزمة بالحدّ من مخزونها من اليورانيوم المخصّب والمياه الثقيلة. وتهدد طهران بالتخلي عن بنود إضافية من الاتفاق ما لم تساعدها الأطراف الموقعة الأخرى (بريطانياوالصين وفرنسا وألمانيا وروسيا) في الالتفاف على العقوبات، وخصوصاً في بيع نفطها. وفي وقت سابق، أعلن البيت الأبيض أنّ "الولاياتالمتحدة وحلفاءها لن يسمحوا لإيران أبداً بتطوير سلاح نووي"، مؤكّداً استعداد واشنطن للاستمرار في ممارسة "أقصى الضغوط" على الجمهورية الإسلامية لإرغامها على التخلّي عن أي طموحات نووية. وأفاد بيان للمتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام "كان من الخطأ، في الاتفاق النووي الإيراني، السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على أي مستوى". وأضاف البيان أن "حتى قبل وجود الاتفاق، كانت إيران تنتهك بنوده". وردّ ظريف على ذلك الثلاثاء في تغريدة فكتب "بجد؟". - "عدم المبالغة في تصوير خطورة الوضع" -وشدد ظريف على أن إيران لم ترتكب خطأ. وقال عبر توتير "لم ننتهك الاتفاق النووي". وأضاف أن إيران "ستتراجع" عن قرارها فور التزام الدول الأوروبية الثلاث بواجباتها" في إشارة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا. واتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إيران باستخدام برنامجها النووي "لابتزاز المجتمع الدولي وتهديد الأمن الإقليمي". وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصبّ تجاوز بالفعل الحدّ المسموح به، بحسب المتحدث باسم الوكالة الأممية. وقال دبلوماسي في فيينا، مقرّ الوكالة الأممية، إن مخزون إيران من اليورانيوم المخصبّ تجاوز بكيلوغرامين حدّ ال300 كلغ. وقال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف إن خطوة إيران "مؤسفة" لكنها "نتيجة طبيعية للأحداث التي حصلت مؤخراً" ونتيجة "ضغوط أميركية غير مسبوقة". ودعا إلى "عدم المبالغة في تصوير خطورة الوضع"، وفق ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية. وكتب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في تغريدة أن لندن "قلقة بشدة" ودعا إيران إلى "العودة إلى الالتزام" بالاتفاق النووي. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن "من الضروري" أن تلتزم إيران بالاتفاق. "جهود الأوروبيين غير كافية" دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الدول الأوروبية إلى فرض عقوبات على إيران، عدوة بلاده اللدودة. وبحث ترامب هاتفياً الإثنين الملف الإيراني مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحسب ما أفاد البيت الأبيض. وفي مقابلة بُثّت الاثنين إلا أنها سُجّلت قبل إعلان إيران بشأن مخزونها من اليورانيوم المخصّب، أعرب ترامب عن أمله في أن تجلس طهران على طاولة المفاوضات. وأعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة بعد اجتماع يهدف إلى إنقاذ الاتفاق، أن آلية الدفع الخاصة "إنستكس" التي أُنشئت لمساعدة إيران في الالتفاف على العقوباتأصبحت أخيراً "عملانية". إلا أن ظريف اعتبر أن "جهود الأوروبيين غير كافية وبالتالي فإن إيران ستمضي قدماً في تدابيرها المعلنة". وأضاف أن "الآلية ليست سوى بداية الالتزامات الأوروبية وهي حتى لآن لم تجد بعد طريقها الى التنفيذ". وبموجب الاتفاق الموقع عام 2015، تعهدت إيران عدم السعي لحيازة القنبلة الذرية وقبلت بفرض قيود مشددة على برنامجها النووي مقابل رفع جزئي للعقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. وهدّدت طهران أيضاً بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم لتصبح أعلى من النسبة القصوى المحددة في الاتفاق (3,67%)، اعتباراً من السابع من تموز/يوليو. إلا أن هذه النسبة لا تزال أقل بكثير من نسبة ال90% المطلوبة لصناعة الأسلحة. وتأتي التوترات الأخيرة بالتزامن مع تعزيز الولاياتالمتحدة قوّتها في منطقة الخليج وسلسلة هجمات بما فيها إسقاط إيران طائرة مسيّرة أميركية قالت إنها دخلت مجالها الجوي.