اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الإثنين أجهزة المخابرات السورية بأنها "تحتجز وتخفي وتضايق" السكان في المناطق التي تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة عليها، رغم توقيع اتفاقات تسوية تصفها دمشق ب"المصالحات". تمكنت القوات الحكومية في الفترة الممتدة بين شباط/فبراير وآب/أغسطس 2018 من استعادة السيطرة على منطقة الغوطة الشرقية وأحياء في جنوبدمشق ومحافظتي درعا والقنيطرة جنوباً بعد هجمات عسكرية تبعها اتفاقات "تسوية" تم بموجبها اجلاء عشرات آلاف مقاتلي المعارضة والمدنيين الرافضين للاتفاق. وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير إن "أفرع المخابرات السورية تحتجز وتُخفي وتُضايق الناس تعسفياً في المناطق المستعادة من الجماعات المناهضة للحكومة" لافتة إلى أن هذه "الانتهاكات تحدث حتى عند إبرام الحكومة اتفاقيات مصالحة مع الأشخاص المعنيين". ووثقت المنظمة "11 حالة احتجاز تعسفي واختفاء في درعا والغوطة الشرقيةوجنوبدمشق" منذ آب/أغسطس. وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في المنظمة لما فقيه "انتهى القتال الفعلي في معظم أنحاء سوريا، لكن لم يتغير شيء في طريقة انتهاك أفرع المخابرات لحقوق المعارضين المحتملين لحكم الأسد". وأوضحت أنه "حتى في مناطق المصالحة المزعومة، يطغى عدم مراعاة الأصول القانونية الواجبة، والاعتقالات التعسفية، والمضايقات، على وعود الحكومة الفارغة بالعودة والإصلاح والمصالحة". وطالت عمليات الاعتقال والمضايقة وفق المنظمة، مقاتلين سابقين ومنشقين وناشطين معارضين وعاملين إنسانيين وقادة مجتمع وناشطين إعلاميين وآخرين ممن بقوا في مناطقهم "ووقعوا.. اتفاقيات مصالحة مع الحكومة". ودعت المنظمة الحكومة السورية ل"الإفراج فوراً عن جميع المحتجزين تعسفياً، أو توضيح أسباب وجيهة لاحتجازهم إذا وُجدت". كما طالبت روسيا ب"استخدام نفوذها مع حليفتها سوريا لوقف الاحتجاز التعسفي والمضايقات". ولعبت موسكو، حليفة دمشق، دوراً بارزاً في ابرام اتفاقيات التسوية بين الحكومة والفصائل المعارضة في مناطق عدة بدءاً من مدينة حلب في نهاية العام 2016. وتنتشر عناصر من الشرطة التابعة لها في مناطق عدة في درعا والغوطة الشرقية. وقال عامل إنساني من درعا للمنظمة "الذين يخبرونك بوجود استقرار أو أمن في الجنوب يكذبون. لا تزال هناك اغتيالات واعتقالات تعسفية، ولا زال السكان يعانون من الاضطهاد". في محافظة درعا وحدها، وثّقت مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان اعتقال واحتجاز 380 شخصاً على الأقل في الفترة الممتدة بين بين 26 تموز/يوليو 2018 و31 آذار/مارس 2019. وتعرّض ما لا يقلّ عن 230 منهم للاخفاء القسري، في حين تم إطلاق سراح المتبقين بعد بضعة أيام من احتجازهم، وفق ما قالت المتحدثة باسم المفوضية مارتا هورتادو للصحافيين في جنيف. وقالت هورتادو "لدى العديد من العائلات في درعا معلومات محدودة أو معدومة عن أقاربهم المفقودين أو المحتجزين". وتعد قضايا المعتقلين والمفقودين من أكثر الملفات تعقيداً في النزاع السوري الذي أودى منذ اندلاعه في العام 2011 بحياة أكثر من 370 ألف شخص. وطالبت ثماني منظمات حقوقية دولية وسورية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، الأسبوع الماضي المجتمع الدولي بالضغط على كافة أطراف النزاع في سوريا للكشف عن مصير عشرات آلاف المخفيين قسراً والمحتجزين بشكل تعسفي.