جدة التاريخية تحظى بوقفة جميلة ودعم كبير من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وليست مستغربة هذه الوقفة فدائماً قرارات سموه تهدف إلى الخروج بالوطن إلى أفق أوسع وأكثر انفتاحاً، ويكفي اطلاعه ومعرفته بالإرث الحضاري والمكتسبات التراثية، فكانت الخطوة الرائدة من سمو ولي العهد بترميم 56 مبنى من المباني الآيلة للسقوط بتاريخية جدة بمبلغ 50 مليون ريال كمرحلة أولى، وبذلك أعطى سموه بعداً استثنائياً لجدة التاريخية وحوَّلها إلى ملحمة تاريخية في كل شي. وبهذه الوقفة فإن جدة التاريخية تعيش حالة فريدة من العشق والهيام بعد أن حظيت بهذا الدعم الذي سيعيدها إلى واجهة الحضارة العالمية بتصاميم مبانيها ورواشينها وتراثها المتنوع وهي تحتضن أشهر مساجدها مسجد الشافعي والذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب قبل أكثر من 1300 عام. وهنا بدأت الذاكرة تستمطر الذكريات وبدأت قوافل الحكايات والروايات في نسج تفاصيل تلك المنطقة التاريخية البعيدة لرسم لوحة فنية اجتماعية من المنظومة الحياتية لحياة العوائل التي عاشت بين حارات جدة العتيقة وتشربت من هوائها المعجون بالتراث وأبنائها الذين كانوا يلعبون بين أزقتها المتعرجة ويكتبون فوق جدرانها عبارات تؤرخ ذكرياتهم الطفولية وكأنهم يخاطبون الحنين البعيد في صورة قصة حب للتاريخ الذي يتذكرونه الآن لمن عاشوا تلك الفترة الزمنية وذلك بعد عودتهم من رحلة لصيد السمك أو بعد انتهاء دوري لكرة القدم كانوا يصممون جدول مبارياته في ملاعب لم تكن مهيأة أبداً لحركاتهم الرياضية الرشيقة. واليوم يعطي مركز المبادرات بمؤسسة محمد بن سلمان (مسك الخيرية) تاريخية جدة مبادرته مسك جدة التاريخية لإبراز أهمية المنطقة تاريخياً وثقافياً والمساهمة في المحافظة عليها، ونقل الصورة الأصيلة التي كان يعيشها الآباء والأجداد، والاهتمام بتعزيز الموروث الثقافي والتعريف بالقيمة التاريخية والتحفيز على الاهتمام بالمنطقة وإعادة إحيائها. أخيراً هذا الدعم من سمو ولي العهد للحفاظ على مباني جدة التاريخية وتأهيلها ومنع انهيارها حسب متطلبات اليونسكو لتسجيل جدة في سجل التراث العالمي وضمن مشروع شامل لإنقاذ المواقع ذات القيمة الثقافية التاريخية من أي مهددات قد تؤدي إلى زوالها.