يأبى الكبير إلا أن يكون كبيرًا.. ويأبى العميد إلا أن يكون عميدًا.. وكما قال أبو الطيب المتنبئ في رائعته الشهيرة: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكريم الكرائم وتكبر في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم» استعاد الاتحاد كبرياءه، واستحضر ذاته في منافسة هو يملك ريادتها، ومفاتيحها وبدايتها، وقال بالأمس كلمته.. ثبّت الصدارة للهلال، وانتزعها من النصر، وقبل كل شيء وأهم شيء أن الاتحاد خدم نفسه وتقدم للأمام، لأن الكبار لا يلعبون إلا لأنفسهم أولًا وأخيرًا، وبعد ذلك ليكن ما يكون وليترتب الدوري كيفما يكون. بدا لنا من الوهلة الأولى أن مدرب النصر فيتوريا لم يقرأ الاتحاد جيدًا، ولا يعرف العميد، فترك مساحات لا يمكن أن تترك لفريق عناصره نمور مجروحة، وبعد تفحص وتدقيق، تأكد أن سييرا هو من فرض هذا اللعب على فيتوريا.. ضغط عليه في نصف الملعب، فكثرت الأخطاء النصراوية، ومنها جاء الهدف الثاني، وقبله نتحدث عن الأول وتمريرة فيلانويفا الذهبية وتوغل رومارينهو الإيجابي وتمركز بريجوفيتش الذي أودعها الشباك بثقة الكبار. ثم توالى الضغط الاتحادي على حامل الكرة، فتبعثرت أوراق محاور النصر، وكثرت الأخطاء، ومن خطأ ارتكبه سلطان الغنام أعاد الكرة لفهد، وفي المساحة الفارغة تحرك بريجوفيتش فتح الخانة وطلب الكرة، فأهداه إياها فهد.. سددها بثقة المحترفين العالميين هدفًا ثانيًا للعميد. لينتهي الشوط الأول بهدفين نظيفين للاتحاد. ومع انطلاق الشوط الثاني أضاع الاتحاديون الفرصة تلو الأخرى، رومارينهو يهدر أمام المرمى، وقبله فهد بعد فاصل مهاري رائع، فعاقبهم الهداف حمد الله في أول ظهور حقيقي.. تسلم باقتدار وركنها بثقة واحترافية، ثم ركلة جزاء وسط دربكة دفاعية تسبب فيها كريم الأحمدي انبرى لها حمدالله مسجلًا التعادل، ثم أهدر حمدالله فرصة الهدف الثالث، وكما تدين تدان، هذه المرة جاءت العقوبة من فهد الذي تسلم تمريرة ولا أروع من البديل عبدالعزيز البيشي الذي أثبت أنه مراوغ فذ حتى برأسه، وقدم كرة على طبق من ذهب لفهد سددها زاحفة في الشباك النصراوية، وكان قبل ذلك قد تحرك سييرا بتغييرات إيجابية، أشرك البيشي والسميري، ومن بعدهما زياد الصحفي، أخرج بريجوفيتش لأنه يحتاج للعب السريع، وضع البيشي في الطرف الأيمن وحول خدمات فهد لأمام المرمى، وبهذه الطريقة جاء الهدف الثالث، ويستحق سييرا تحية إعجاب على ما فعله من تغييرات إيجابية. في المقابل كانت تغييرات فيتوريا أبكر حينما أشرك الشهري والسالم، والثاني كان له دور وحضور وتسبب في ركلة الجزاء، أما الشهري فسرعة الأداء لم تتناسب مع رتمه البطيء، فكان ضيف شرف في اللقاء. خلاصة الكلام فعلها الاتحاد وهزم النصر بعد طول غياب.. 12 مباراة في دوري المحترفين جميعها بلا فوز اتحادي، وفي اليوم الحاسم للنصراويين كانت الكلمة للعميد. ما خدش روعة اللقاء هو حكم المباراة الذي أسرف في منح لاعبي الاتحاد بطاقات صفراء، وسيغيب عن المباراة المقبلة فهد المولد وكريم الأحمدي وجوناس وسانوغو بسبب تراكم البطاقات. انتهت الأمسية الجميلة اتحادية صفراء بنتيجة 3-2، ولا زال التنافس على بطولة الدوري باقِ مع العالمي والزعيم مع فارق نقطتين لمصلحة الهلال، أما العميد فقد خرج من مواقع المؤخرة ومن الملحق أيضًا، وأمامه فرصة لتعزيز تقدمه بشرط أن يبقى على هذا الأداء الرائع.