* انتهاء أعمال لجنة مكافحة الفساد التي أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين برئاسة سمو ولي العهد، والتي نجحت في كسر شوكة كبار المفسدين، وإعادة مبلغ 400 مليار ريال خلال سنة وبضعة أشهر فقط، لا يعني توقُّف الدولة عن ملاحقة الفساد والمفسدين.. فمَن يعرف منهجية الملك سلمان -يحفظه الله- من خلال عمله الإداري الطويل، يُدرك أن مكافحة الفساد والحرب على المفسدين من المناهج الأساسية والثابتة لملك الحزم، والتي يُؤكِّدها -يحفظه الله- بقوله: «إن الدولة مستمرة على نهجها في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وردع كل مَن تُسوِّل له نفسه العبث بالمال العام والتعدي عليه واستباحة حرمته». وهذا ما تجسَّد واقعًا؛ فلم تعد مكافحة الفساد مجرد شعارات تُرفع بين الفينة والأخرى في وسائل الإعلام، أو على لوحات الطرق والمطارات، بل أصبح واقعًا مشاهدًا، وحقيقة لا تُخطئها الأعين. * النتائج الباهرة التي أعلنت عنها اللجنة في تقريرها الذي رفعته لمقام خادم الحرمين الشريفين أثلجت صدري، كما هو حال كل مواطن يعرف جيدًا التأثير السلبي للفساد على تنمية البلد ونهضته، لكن ما زاد من هذه البهجة الوطنية، هو الإعلان الذي صدر في التوقيت نفسه تقريبًا، والذي عصف بمجموعةٍ من موظفي البلديات ثبت تورّطهم في قضايا فساد مالي وإداري، وإساءة استخدام السلطة في العديد من مناطق المملكة، وفيه إشارة واضحة إلى استمرارية الحزم السلماني ضد الفساد وأهله، بقيادة سمو ولي العهد الذي وعد في لقاءٍ شهير بعدم نجاة أي فاسد من المحاسبة، أيًّا كان منصبه أو وضعه الاجتماعي. * الفساد قبيح كله، فإذا كان الفساد المالي يُمثِّل وجهًا بشعًا تضرَّر منه الوطن والمواطن؛ فإن الفساد الإداري لا يقل عنه سوءًا ولا بشاعةً، بل ربما يكون أكثر ضررًا على تنمية الوطن وموارده وقدراته البشرية التي يموت معظمها؛ بسبب إحباطات الواسطة والمحسوبية والتسلُّق... وغيرها من الآفات التي سمّمت أركان بعض الإدارات ووأدتها؛ لذا فإن أمنية الكثيرين من المواطنين أن يروا حملة ضد هو أمير الفساد الإداري، تفتح ملفات التوظيف غير المستحق، والسرقات الوظيفية التي جمَّدت التنمية، وتسبَّبت في ركاكة الأداء في الكثير من المؤسسات؛ بسبب وضعها لعقلياتٍ خاوية في غير أماكنها، ووأدها آلاف الكفاءات الوطنية الواعدة، وحرمان الوطن من قدراتها. * الحرب على الفساد لن تتوقف، وإذا كانت الجولة الأولى قد أعادت للوطن 400 مليار ريال من أمواله المنهوبة، فإن جولة أخرى على ارطبونات الفساد الإداري قد تُعيد للوطن آلاف الوظائف المسروقة والمغتصبة، وتُقلِّل من طوابير العطالة، والأهم أنها ستُصحِّح المسيرة الإدارية في العديد من المؤسسات، وتُعيد للكفاءات من أبناء الوطن ثقتهم في أنفسهم.