قبل عشرات السنوات ابتدع أمين مدينة جدة المهندس محمد سعيد فارسي أعمالًا هندسية بإنشاء ميادين عند ملتقى الطرق، فوضع في وسطها مجسمات فنية جمالية، لاقت في حينها ترحيبًا كبيرًا حينما كانت مدينة جدة صغيرة في مساحتها، وكان عدد سكانها محدودًا.. ورغم تطور مدينة جدة، بزيادة في عدد سكانها بالزاحفين إليها من المدن والقرى المجاورة، وكبر مساحتها بشكل مذهل إلا أن أمناءها اللاحقين المحرومين من الإبداع الهندسي والإداري واصلوا تقليده، إذ لم يخطر على بال أحدهم أبدًا أن الميادين تعطل حركة المرور للسيارات لحاجتها إلى الدوران حول الميادين بدلاً من السير في خط مستقيم أو شبه مستقيم.. كما أن المجسمات الموضوعة في بعض الميادين بشعة ليس لها نصيب من الجمال، منها ميدان (التاريخ) وهو عبارة عن تكوين يضم صخورًا جبلية صغيرة وكبيرة خالٍ من أي لمسة جمالية، ومنها ميدان (البرميل) وهو أيضًا ميدان قبيح لا ينتمي للجمال بأي صلة، ومنها ميدان (الدراجة) المصنوعة من الحديد بشكل بدائي، وهو يعاني من الصدأ في الوقت الحاضر. وهناك أيضًا ميدان (جمل الصحوة) المنصوب في وسط ميدان معطل لحركة مرور السيارات في مدخل أبحر الشمالية، وجمل الصحوة يحمل نظرة الصحوة الى صور الكائنات الحية على أنها محرمة شرعًا، وإذا كان لابد منها يجب فصل رؤوسها عن أجسادها، وقد وافق أمين مدينة جدة في حينه على وضعه في مدخل الحي لواحد من احتمالين اثنين هما: الأول: أن الصحوة أرغمته على وضع مجسم للجمل ليس له علاقة بالجمال، وأن يكون جملها برأس مفصولة عن جسمها. الثاني: أن يكون بعض المهندسين في الأمانة في حينها من المؤيدين للصحوة المزعومة فساعدوا الصحوة على نصب جملها رغم أن جدة لا تحتوي على جمل باستثناء الجمال التي تباع في سوق الماشية.. ولن أنسى أبدًا نجاح الصحوة في إزالة بعض المجسمات الجمالية التي نحتها فنانون عالميون في عهد أمينها المشهور المهندس محمد سعيد فارسي، وهما: السبابة: وهو إصبع اليد منحوت بشكل يدل على أن صاحبه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أزالته الصحوة المزعومة من مكانه، وتم رميه في أحد مستودعات الأمانة مع المهملات! القبضة: وهي قبضة يد الإنسان منحوتة بشكل يوحي بالقوة التي خلقها الله عز وجل في يد المخلوق، ثم نقلت إلى شارع الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله-. وبهذه المناسبة أدعو معالي أمين مدينة جدة الأستاذ صالح التركي بفكره الخلاق وترحيبه بالرأي العام لإزالة الميادين المعطلة لحركة المرور ونقل المجسمات الجمالية منها إلى أماكن أخرى مناسبة لها في شوارع جدة.