نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تحقيقًا صحفيًا جديدًا يكشف أسرارًا حول العلاقات والشراكات التي تجمع فيسبوك بأكثر من 150 شركة من كبرى الشركات التقنية والتجارية على مستوى العالم، والتي تسمح لهم أن يقوموا بالاطلاع على بيانات المستخدمين، حتى رسائلهم الشخصية، وكل ذلك يجري دون علمهم. وتمكنت الصحيفة الأمريكية من الوصول إلى كل تلك الأسرار عبر الاطلاع على 270 وثيقة سرية من الأوراق الداخلية بفيسبوك، وكذلك حوارات أجرتها مع 60 شخصية تتنوع بين موظفين سابقين بفيسبوك ومسؤولين حكوميين وخبراء أمن معلوماتي، وجميعهم فضّل الحديث تحت عباءة من الخصوصية وتجهيل هوياتهم حفاظًا على خصوصيتهم، لأن معظمهم قد وقّع وثائق تلزمهم بعدم الإفصاح عن أي من تلك المعلومات السرية. مشاركة البيانات وعلى الرغم من التأكيدات المستمرة التي أعلنها مسؤولو فيسبوك طوال العام الجاري، سواء خلال الحوارات الصحفية أو الاستجوابات الرسمية أمام حكومات العالم والكونغرس الأمريكي، إلا أن تقرير نيويورك تايمز، أثبت أن الشركة الزرقاء قامت بمشاركة بيانات المستخدمين دون علمهم مع الشركات الأخرى، بهدف فتح سوق جديد لها فيما يخص أنها تتحكم في بيانات ما يفوق 2 مليار مستخدم حول العالم، أي ما يوازي أقل بقليل من ثلثي سكان الأرض. فصّل التقرير نوعية البيانات التي حصلت عليها بعض الشركات، مثل أن محرك بحث مايكروسوفت Bing كان يحصل على أسماء جميع مستخدمي فيسبوك، دون رضاهم، وكذلك كانت خدمات الترفيه Netflix وSpotify كانت تتمكن من قراءة رسائل المستخدمين الشخصية، أما عن شركة أمازون فكانت تحصل على أسماء المستخدمين وبيانات أصدقائهم، بينما "ياهو" كان يحصل على نسخة من جميع منشورات المستخدمين، وذلك على الرغم من أن فيسبوك كان قد أعلن مطلع العام الحالي، أن هذا النوع من مشاركة البيانات كان قد تم إيقافه نهائيًا منذ سنوات. وكان فيسبوك قد تعهد في 2011 أمام هيئة التجارة الفيدرالية بأنه لن يقوم بأي عمليات لمشاركة بيانات المستخدمين مع أي طرف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر دون علم المستخدمين، وذلك احترامًا لخصوصيتهم الكاملة، إلا أن كل ذلك انهار بالكامل بمجرد الاطلاع على المستندات المسربة من داخل الشركة، والتي تثبت أنه كان يتم تداول بيانات المستخدمين حتى عامنا الحالي. وكان ستيف ساترفيلد، مدير الخصوصية والسياسات العامة بفيسبوك، قد أعلن من قبل خلال حوار معه أن كافة الشراكات التي تجريها الشركة الزرقاء مع الشركات الأخرى "لا تتعارض أبدًا مع اتفاقها مع هيئة التجارة الفيدرالية"، كما أن تلك الاتفاقية لا تتضمن بندًا ينص على ضرورة إعلام المستخدمين حول مشاركة بياناتهم مع شركات الطرف الثالث، حيث إن فيسبوك يعتبر شركاءه امتدادًا له، وبالتالي فمعلومات المستخدمين بذلك لم تغادر قبضة فيسبوك، خاصة أن ساترفيلد يؤكد أن الشركة تلزم شركاءها بضرورة الالتزام بقواعدها في استخدام تلك البيانات بما لا يتعارض مع خصوصية المستخدمين. وأكد التقرير الجديد، أن فيسبوك لم يقم أبدًا ببيع بيانات المستخدمين بشكل مباشر، وذلك خوفًا من موجة غضب المستخدمين التي قد تثور عليه في أي وقت إذا قام بذلك، لذا فإنه قام بما هو أفضل من ذلك، وهو تمكين الشركات، أو كما يسميهم فيسبوك "شركاؤه"، من الوصول إلى أجزاء من الشبكة الاجتماعية بشكل يرفع من رصيدها ويقوي من وضعها داخل السوق التقنية. وبدلًا من الحصول على المال، كان فيسبوك يحرص على جمع بيانات نوعية من خدمات الشركات التي تحصد بيانات مستخدمي فيسبوك، بحيث تستفيد الشركة من تلك البيانات في توجيه الإعلانات بشكل يتناسب مع اهتمامات المستخدمين، وبالتالي يجعل منها مقصدًا رئيسيًا للمعلنين على الشبكة الاجتماعية، خاصة مع وجود عمالقة في هذا المجال مثل منافستهم اللدودة غوغل. وأوضح التقرير، أن فيسبوك كان يحصل على بيانات من أمازون وياهو وهواوي حول مستخدميهم وطبيعة استخدامهم لتلك الخدمات، في محاولة لتحليل اهتماماتهم، وكذلك علاقاتهم الاجتماعية بمختلف المستخدمين بحيث يسهل عليه توسيع دائرة علاقاتهم الاجتماعية على الشبكة، وبالتالي يمكنه اقتراح المزيد من الأصدقاء المقربين الذين يمكنهم الاهتمام بإضافتهم على حساباتهم الشخصية، وهي الميزة المعروفة ب People You May Know.