تعتبر المدن الاقتصادية مفهوماً عالميا جديداً يجمع بين المقومات الاقتصادية للمدن الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، لتشكل مدناً حضارية متكاملة، ويرتكز اقتصاد كل مدينة على تجمعات اقتصادية عنقودية، تم اختيارها بناء على المزايا التنافسية للمملكة، وتوفر هذه المدن مرافق خدماتية ولوجستية وسكنية متكاملة، وبيئة عمل تنافسية لتكون منظومة اقتصادية جاذبة للاستثمار الوطني والأجنبي. تم إطلاق مبادرة المدن الاقتصادية سعياً وراء إنشاء مناطق اقتصادية من شأنها أن تؤمن بيئة جيدة للمنافسة، وذلك ما يعمل على تسريع التطور الوطني وتنوع مصادر الدخل، إلى جانب أنه يوفر فرص عمل واعدة للشباب السعودي. وهكذا، فإن إنشاء مناطق اقتصادية تنفرد بأنظمتها وسياساتها الاستثمارية المفضلة وخدماتها العالمية المنافسة، وتكون تحت إشراف سلطة واحدة، يعتبر أمراً حيوياً في تسريع عملية التطور في أية دولة. أطلقت المملكة في عام 2005 نحو أربع مدن اقتصادية، بتكلفة قدرت بنحو 455 مليار ريال، كان أبرزها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية بحائل، ومدينة المعرفة بالمدينةالمنورة، إضافة إلى مدينة جازان الاقتصادية. وبلغت تكلفة إنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية نحو 375 مليار ريال، وتعتبر المدينة أكبر من العاصمة الأمريكية (واشنطن)، وتتولى إدارتها شركة إعمار المدينة الاقتصادية المدرجة بسوق الأسهم السعودية، وحققت إنجازا عندما طرحت للاكتتاب في يوليو 2006. وتهدف مدينة الملك عبدالله الاقتصادية إلى وضع المملكة من بين أكثر 10 دول جذب للاستثمار والتنافسية.وتقع المدينة على طول ساحل البحر الأحمر نحو 100 كيلومتر شمال مدينة جدة، وتنقسم المدينة إلى ستة عناصر رئيسية هي المنطقة الصناعية، والميناء البحري، والمناطق السكنية، ومنتجع البحر، والمدينة التعليمية، ومنطقة الأعمال المركزية الذي تضم جزيرة مالية. وفيما يخص مدينة جازان الاقتصادية التي أنشئت على شاطئ البحر الأحمر، وعلى بعد 66 كيلومترا من مدينة جازان شمالا، و20 كيلومترا من محافظة بيش غربا، وتقع على مساحة تقدر ب103 كيلومترات مربع، وتمتلك ساحل بطول 11.5 كيلومتر، وفي موقع توافر المواد الخام ومصدر العمالة الزائدة فحسب، ولكنها أيضا تقع بمحاذاة أهم طريق شحن على البحر الأحمر. وتقسم أعمال مدينة جازان إلى الصناعات الثقيلة والثانوية والموارد البشرية وأسلوب المعيشة. أما مدينة المعرفة الاقتصادية فقد بلغت تكلفتها 25 مليارا (سبعة مليارات دولار)، وتقع داخل نطاق منطقة الحرم على بعد خمسة كيلومترات من الحرم النبوي. ومن المتوقع لهذه المدينة أن توفر ما يزيد على 20 ألف فرصة عمل، ومساكن لما يقرب من 150 ألف شخص. وتعد المدينة أيضا مشروعا طموحا مفعما بالتحدي. وتقع مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد في منطقة حائل، بين مناطق الجوف والحدود الشمالية والمدينةالمنورة، والقصيم، وتبوك، ويراوح ارتفاع المنطقة ما بين 600 1500 متر فوق مستوى سطح البحر. افتتح المدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- في عام 2006، على أن تفتتح المرحلة الأولى من المدينة عام 2025، والمرحلة الثانية عام 2040، وتبلغ مساحتها 156 مليون مترمربع، وتصل تكلفتها بمختلف تجهيزاتها 30 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار) على مدى 10 سنوات، تشمل بناء عدد من المناطق هي: المطار، والمنطقة الزراعية، وحي الأعمال المركزي، ومنطقة المنتجعات، والمرافق، والأحياء السكنية، والمنطقة التعليمية. وتتركز أعمال المدينة على خدمات النقل، والخدمات اللوجستية، والتعليمية، والزراعية، والصناعية، والترفيهية، والتعدين، والمساكن، والبنية التحتية. الغاية من إنشاء المدن الاقتصادية ترتكز فكرة المدن الاقتصادية في المملكة على تفعيل دور القطاع الخاص للمشاركة في التنمية، وتقديم نموذج عمل حكومي أكثر تنافسية وأكثر قدرة على الاستجابة للمتغيرات.