تخوض الحكومة الفرنسية سباقا مع الوقت لتنفيذ التدابير الاجتماعية التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون وإطلاق مشاورات واسعة لاحتواء الازمة، وذلك بعدما اطمأنت إلى تراجع تعبئة حركة «السترات الصفراء» في مختلف أنحاء البلاد. ودشن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب اسبوعا حاسما في محاولة لتعويم الغالبية الرئاسية، عبر إسهابه مساء الأحد في مقابلة مع صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، في شرح الخطوات التي أعلنها ماكرون قبل ستة أيام. في هذا الوقت، يخشى عدد من ناشطي «السترات الصفراء» المتجمعين عند المستديرات، أن يتم طردهم بالقوة في الساعات المقبلة. وفي هذا السياق، أفاد نحو خمسين متظاهرا تجمعوا أمام مركز شرطة مونسو-لي-مين (وسط شرق) أن الأمر صدر ب»إزالة» خيمهم بحلول الأربعاء. ووجهت السلطة إشارات عدة في هذا الاتجاه. وتحدث رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران عن إرسال «عناصر من الدرك» بهدف «تحرير المساحات العامة». ضيق الوقت غير أن هذه التدابير، وفي مقدمها زيادة الحد الأدنى للأجور وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب واستثناء بعض المتقاعدين من زيادة الضريبة، من شأنها زيادة العجز الذي يتوقع أن تبلغ نسبته 3,2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2019. وقد جمعت في مشروع قانون سيناقشه مجلس الوزراء غدا قبل إحالته الخميس على الجمعية الوطنية والجمعة على مجلس الشيوخ. وإدراكا منه لضيق الوقت، دعا ريشار فيران البرلمانيين إلى تحمل «مسؤوليتهم» والمصادقة على الإجراءات الجمعة بحيث تدخل حيز التنفيذ في أول كانون الثاني/يناير. وبذلك، يتجنب النواب عقد جلسات خلال عطلة عيد الميلاد. رؤساء البلديات على الخط أما تفاصيل «النقاش الوطني الكبير» الذي يستمر حتى الأول من آذار/مارس فيتوقع أن تعرف خلال الأسبوع. ويشكل رؤساء البلديات ركنا أساسيا فيه على أن يتناول أربعة عناوين كبرى هي المرحلة الانتقالية البيئية، والضرائب، وتنظيم الدولة، والديمقراطية والمواطنية، علما بأن العنوان الأخير يشمل أيضا ملف الهجرة. وفي إطار هذا النقاش، أيد رئيس الوزراء مبدأ إجراء «استفتاء المبادرة المواطنية»، أحد أبرز مطالب «السترات الصفراء»، ولكن «ليس ضمن شروط عشوائية». السترات يحرقون أكواخهم دعت وزيرة الدولة للمساواة بين النساء والرجال مارلين شيابا «السترات الصفراء» إلى «الكف عن المزايدات والانضمام الآن إلى النقاش الكبير» الذي تريد الحكومة إطلاقه. لكن المتحدث باسم «السترات الصفراء» في منطقة سون-ايه-لوار (وسط شرق) بيار-غاييل لافوديه قال «إذا كانت الحكومة تقوم بذلك، فهذا يعني فعلا أنها لم تفهم شيئا». وفي شاتولورو (وسط غرب) توقع الناشطون أن يتم طردهم اعتبارا من صباح اليوم. لذا، عمدوا إلى إحراق بعض أكواخهم مساء الأحد. وأعلن إدوار فيليب أنه «تلقى رسالة الفرنسيين: إنهم يريدون أن نتخذ قرارا سريعا حول القدرة الشرائية مع إشراكهم في شكل أكبر في هذا القرار». وفي المقابلة مع «لي زيكو»، رسم ملامح الإجراءات التي تشكل محاولة لإنهاء أزمة غير مسبوقة تهز فرنسا منذ شهر.