المشير عبدالرحمن سوار الذهب الرجل الورع الزاهد التقي النقي العاشق لكتاب الله ورفيقه في حله وترحاله حبيب المساكين والمعوزين والذين تشهد داره بالخرطوم تجمهرهم سائر اليوم يعلمون مجيئه ورواحه وسفره ومقامه يعلمون أين تقف سيارته إن كان مسافراً أو مقيماً بالبلاد، وعند حضوره يترجل من سيارته ويسلم عليهم ويحل مشكلاتهم على اختلافها ويشركهم في طعامه ويصطحب كبير السن منهم الى الداخل إن كانت حاجته تحتاج الى جلسة في صالونه المضياف. عندما نال جائزة الملك فيصل العالمية أرسل له القائمون على أمرها أن يصطحب معه من يشاء من ذويه لحضور الحفل ومشاركته الفرحة فكان أن خص بالدعوة الذين يعملون في داره من العمال وكان هؤلاء المساكين دون سابق ترتيب وتدبير الا تدبير رب العالمين في حضرة الأمراء من أبناء الملك فيصل -رحمه الله- وضيوفهم الكبار. عرف الرجل بصفات قل أن توجد في غيره فالرجل نال السودان به شرف ترؤسه لمدة عام كامل وسلم السلطة الى خلفه في وقتها المحدد ضاربًا بذلك المثل الأعلى في رد الأمانة الى أهلها والوفاء بالوعد في أعلى درجاته إذ لم يسبقه أحد في ذلك، وعندما سئل وظل السؤال متواترًا طيلة سني حياته لماذا تنازلت طواعية عن رئاسة البلد، كان يقول أمانة سلمني لها الشعب السوداني على أن أردها له بعد عام وأنا قمت بردها في الوقت المعلوم أفي هذا أمر مستغرب؟ بعد أن ترجل عن المنصب الرفيع عمل أمينًا لمنظمة الدعوة الاسلامية متطوعًا يرجو رضا الله وسط أصحاب الحاجات مما يخلفه المرء من عمل ويأتيه ريعه حسنات بعد مماته من سقي الماء وبناء المساجد ودور العلم. كانت وصيته أن يدفن بالبقيع وجاء به الأجل المحتوم الى الرياض مستشفيًا وليقوم الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإنفاذ وصيته وتم مواراة جسده بالبقيع مقبرة المدينة منذ صدر الاسلام والى يومنا هذا مجاوراً الصحابة الكرام وعلى بعد بضعة أمتار من قبر ذي النورين رضي الله عنه ليترحم عليه الحجاج والمعتمرون وأن ينال الشفاعة (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد). فأي خبيئة كنت تدخرها يا بن سوار الذهب جعلتك جارًا لذي النورين وأي خبيئة كنت تخبئها وقد اتفق كل أهل السودان على محبتك وصلاحك وحسن سيرتك ومن جمع لك هذا الجمع الغفير من السودانيين وغيرهم ليشهدوا جنازتك إنه شيء وقر في قلبك. اللهم ارحم عبدك سوار الذهب واغفر له واجعله من أصحاب اليمين.