لعلَّ معظم مَن حَضَر مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار 2018م»، والذي عُقد الأسبوع الماضي في الرياض، كانوا في انتظار وترقُّب للجلسة التي يُشارك فيها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، ليسمعوا مداخلة سموّه بشأن مستقبل الاستثمار في المملكة بشكلٍ عام، وحادث المواطن جمال خاشقجي- رحمه الله- بشكلٍ خاص. جاء حديث سموّه في تلك الجلسة صريحًا وواضحًا وشفافًا، حيث أكد في البداية أن الحادث كان مؤلمًا جدًا لجميع السعوديين خاصة، بل ومؤلم لأي إنسان في العالم، وهو حادث بشع غير مُبرَّر تمامًا، واليوم المملكة العربية السعودية تقوم باتخاذ كل الإجراءات القانونية للتحقيق واكتمال التحقيقات بالعمل مع الحكومة التركية للوصول إلى نتائج، وتقديم المذنبين للمحاكمة، وأخذ العقاب الرادع، وهو الإجراء المفروض أن تعمله أي حكومة لو وقع شيء مثل هذا الأمر، كما نوّه سموّه بالتعاون والعلاقات السعودية التركية المميزة، مؤكدًا أن مَن يُحاول استغلال هذا الظرف المؤلم لإحداث شرخ بين المملكة العربية السعودية وبين تركيا، فلن يستطيع عمل ذلك، طالما أن هناك ملكا اسمه سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد اسمه محمد بن سلمان في السعودية، ورئيسًا في تركيا اسمه أردوغان. أما مستقبل الاستثمار، فقد ترك سموّه للأرقام أن تتحدَّث، مشيرًا إلى أن تلك الأرقام تتعدَّل للأفضل يومًا بعد يوم، فالإيرادات غير النفطية تكاد تكون مضاعفة ثلاث مرات، وستتجاوز ميزانية العام المقبل ولأول مرة تريليون ريال سعودي، كما أن أرقام البطالة ستتحسَّن العام القادم، وحجم صندوق الاستثمارات العامة في ارتفاع من 150 مليار دولار قبل ثلاث سنوات إلى 400 مليار دولار بنهاية هذا العام، وهذا كان مستهدفًا عام 2020، كما تحسَّن مركز المملكة في التنافسية العالمية، فالأرقام بشكلٍ عام لا تكذب، وتُؤكِّد حقيقة وضعنا اليوم، وأين كنا، وكيف أصبحنا. بالرغم من الهجمات الإعلامية العالمية الشرسة التي تعرَّضت لها المملكة خلال هذا الشهر، وبالرغم من التهديدات التي كانت تصل من أكثر من جهة، والشائعات المغرضة، فقد ردَّ سموّه على كل تلك الأصوات بحديث فيه الكثير من الآمال، وقد واصل رفع سقف الطموحات، والتاكيد بأن المملكة ماضية في طريق الإصلاح في كل القطاعات، وفي حربها أيضًا على التطرف والإرهاب، وهذا الشيء بلا شك سيتم لأنه يعيش بين شعب وصفه بأنه (جبَّار وعظيم)، فهم يضعون هدفًا ويُحقِّقونه بكلِ سهولة، ولا يعتقد سموّه أن هناك أي تحديات أمام الشعب السعودي العظيم، والذي لديه همّة مثل (جبل طويق) لن تنكسر؛ إلا إذا انهدّ هذا الجبل، وتساوى بالأرض.