يمثل الشاب الكفيف محمد سعد نموذجًا قويًّا للشخصة الإيجابية؛ حيث نجح في تحويل إعاقته إلى طاقة وإبداع، وكانت فعّالية حكايا مسك فرصة للتعرف على هذه القصة التي تمثل إلهامًا كافيًا لكل شخص يؤمن بأن الأمل باقٍ في الحياة لكل من يبحث عنه في نفسه، واثقًا من وجوده فيها. في إحدى قاعات التدريب الخاصة بتقنية المونتاج في حكايا مسك 2018 جلس هذا الشاب في منتهى الجدية والحماس والتفاعل مع المحاضر أثناء الدرس، وكانت نظارته السوداء وطريقته في تحسس جهازالكمبيوتر، دافعًا للسؤال حول كونه كفيفًا، وهو السؤال الذي يجيب عليه فورًا «لا.. أنا صاحب بصيرة»! فيما بعد، روى محمد قصة فقدانه للبصر بعد أسبوع من ولادته بسبب خطأ طبي، ويعلق «أعتقد أنّه كان أجمل خطأ طبّي؛ لأنّي أشعر اليوم أنّ حياتي لها معنى وقيمة. أنا سعيد بما حدث رغم أنّه تسبّب بالألم لأهلي، لكنه أعطاني حافزًا لأكون عاملًا إيجابيًّا في حياة الكثيرين». قرار محمد بصنع هذا التغيير الإيجابي سرعان ما تحول إلى واقع، فقد أسس إذاعته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلق عليها اسم «أنامل مبصرة»، لتهتم بالموضوعات التي تشغل بال الجميع، وليس المكفوفين فقط، فضلًا عن نشاطه على موقع التواصل ومشاركته في عدد من الفعاليّاتِ وتقديمه عدّةَ محاضراتٍ تعريفيّةٍ وتوعويّةٍ بفاقدي البصر في المملكةِ وخارجها. لم يتوقف إسهام محمد عند هذا الحد، و تخصص في المونتاج الصوتيّ والميكساج وعداد وتقديم البرامج والبودكاستات الصوتيّة، وكتب المقالات في مختلفِ الأمورِ الاجتماعيّةِ المختلفة، إضافةِ إلى طرح المواضيع التي تخصُّ المكفوفين وتعزيز قدراته في اللغة الإنجليزية. التقنية هي عيون الكفيف، هذه هي القناعة التي انطلق منها محمد ليدرب المكفوفين الآخرين في مجالات متعددة، وذلك إضافة إلى هواياته الخاصة، يقول: «أحب التصوير؛ لأنه يمكنني من إيصال فكرة معينة للآخرين، وأحب الإذاعة لأنها حلم الطفولة». وبعد هذه المسيرة الحافلة، يختم محمد حديثه بتوجيه رسالة يؤكد فيها أن من حق أي فرد من أفراد المجتمع، أن يعيش حياته بشكل طبيعي، مضيفًا: «لا تسمح للظروف القاسية أن تحطمك فالحياة غالية جدًّا، وستعيشها مرة واحدة فقط». كما يوجه رسالة للمكفوفين يقول فيها: «ثقوا بقدراتكم ولا تهتموا بأي شخص مثبط من حولكم، كن اجتماعيًّا مع الآخرين لكي تمحو الصورة السلبية وتعم النماذج الإيجابية في المجتمع؛ وليكون كل كفيف علامة بارزة يعكس من خلالها المجتمع الإيجابي للمكفوفين».