في سباق محموم مع الزمن، يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيدة الله- إعادة هيكلة العديد من المؤسسات في الدولة واستحداث أخرى من أجل مواكبة رؤية 2030، وضخ دماء جديدة مؤهلة في مختلف المجالات وجاءت الأوامر الملكية الجديدة التي صدرت فجر أمس إضافة جديدة في قطار التطوير والإصلاح والهيكلة حيث شملت إنشاء مجلس للمحميات الملكية ووزارة للثقافة وهيئة ملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وإدرة مستقلة لتاريخية جدة، كما شملت تعيين وزير جديد للعمل والتنمية الاجتماعية وآخر للشؤون الإسلامية ورئيس جديد للهيئة الملكية للجبيل وينبع. إصلاحات غير مسبوقة على كافة المحاور وعلى الرغم من مرور 3 أعوام وأشهر معدودة على تولي خادم الحرمين الشريفين مسؤولية الحكم في 2015، إلا أن الإصلاحات الشاملة التي تمر بها المملكة، تعد الأولى من نوعها في خلال عدة عقود وذلك لاتسامها بالشمولية والتنوع والزخم الشديد في التطبيق. ولعل المتابعين عن قرب لمسيرة خادم الحرمين الشريفين الحافلة بالعطاء لأكثر من 50 عامًا، لم يفاجأوا بهذا الأداء النوعى والقرارات الحصيفة لتسريع خطط التحديث والتطوير لمواكبة رؤية 2030، التي تهدف لنقل مسار الوطن من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد متعدد الأركان يعمد على الإنتاجية وتعزيز فرص النمو. وكان من الشواهد المبكرة على تلك الرؤية الآتي: 1- بدء عملية إصلاح إداري واسع من أجل رفع إنتاجية القطاع العام وتحريره من البيروقراطية والتصدي للفساد الإداري والمالي. 2- إلغاء ودمج الكثير من المجالس والهيئات التي أحدثت ترهلاً شديدًا ودمجها في مجلسين فقط الأول للشؤون الاقتصادية والثاني للشؤون الأمنية والسياسية. 3- إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني لتقليص اعتماده على النفط، وذلك من خلال التوسع في الصناعة والتعدين والاستثمار. 4- التركيز على الاستثمار في التقنيات والمشروعات الابتكارية من أجل تنويع الإيرادات بعيدًا عن النفط. 5- إعادة هيكلة الميزانية العامة للدولة بهدف تقليص اعتمادها على النفط، وتنويع الإيرادات غير النفطية، وظهور النجاح في هذا الملف سريعًا من خلال ارتفاع الإيرادات غير النفطية خلال العام الحالي إلى 285 مليار ريال. 6- نجحت الدولة من خلال الآليات التي تم استحداثها لترشيد الإنفاق في توفير أكثر من 100 مليار ريال من كلفة المشروعات لدعم الميزانية. تأسيس جيل جديد من الكوادر والحقيقة أن من الأمور المعززة للإصلاحات في المرحلة الأخيرة حرص خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على أهمية وجود نواب للوزراء من أجل تأسيس كوادر مؤهلة على تحمل المسؤولية وتسريع معدلات الإنجاز ومؤشرات الأداء في ملفات محددة، وأهداف الرؤية الطموحة، وبات واضحًا للعيان النقلة التي يجري تنفيذها في قطاعات مختلفة، ولعل من آخر الشواهد الدالة على ذلك الإصلاحات التي وافق عليها مجلس الوزراء في وزارة الخدمة المدنية مؤخرًا وتهدف إلى ربط الحوافز والعلاوة بالأداء الوظيفى، وهو الأمر الذي طال انتظاره منذ سنوات، ومن المؤمل أن يحدث اختراق في الأداء والتقييم وفق الأسس الموضوعية لزيادة الإنتاجية ورفع كفاءة المؤسسات، ويتطلع الجميع إلى أن تساهم الإصلاحات الجارية على مختلف المستويات في تحرير مؤسسات الدولة من البيروقراطية التي أعاقت غالبية خطط التطوير على مدى السنوات الماضية، لاسيما مع التوسع في تطبيق آليات الحوكمة والشفافية.