بالرغم من أن فترة الانفصال صعبة جدًا إلا أنها في الحقيقة تعتبر مرحلة إعادة تأهيل للذات، أو إعادة اكتشاف الذات وهذا في حد ذاته يعتبر تقدمًا ونضوجًا وبداية الحكمة وهو خبرة مكتسبة في مدرسة الحياة بشكل عام، وفي مدرسة الحب والعلاقات بشكل خاص.. الخطوة الأولى بعد الانفصال هي الاعتراف بالحزن والألم وعدم استنكار هذه المشاعر أو تحجيمها وتقليل شأنها، بالعكس حدد فترة معينة لمعايشة هذا الحزن تقريبًا ثلاثة أشهر مدة متفق عليها.. احزن وابكِ وأخرج ما في جعبتك من حزن واكتئاب وتقبل دعم الآخرين لك واحتواءهم، اعتبر هذه الفترة فترة فطام، فلا تتواصل أبدًا مع الشريك ولا تلاحقه أو تشاهد حالاته وصوره، قم بحذفه من حياتك بمعنى الكلمة، حتى لو أجهدك الاشتياق لا تفكر أبدًا بمشاهدة أي شيء يخصه حتى لو كان بسيطًا، فالعلاقة تشبه الإدمان، وأنت في مرحلة العلاج من الإدمان، تذكر السيئات إن كان ذلك يساعدك واشعر بشعور جيد بأنك تخلصت منها ومن معايشتها ومن تأثيرها السلبي عليك! بعد انتهاء الثلاثة شهور انطلق نحو الحياة بروح جديدة، وتلمس الصقل الجديد في شخصيتك، فأنت اليوم لست الشخص الذي كنت عليه بالأمس، أمامك الكثير من الفرص الرائعة، والكثير الذي يستحق المغامرة. لا تفكر في الارتباط والدخول في علاقة جديدة فهذا ظلم لنفسك قبل غيرك، قلبك وعقلك ليسا مستعدين لهذا بعد، الشخص بعد الانفصال يحتاج لثمانية عشر شهرًا لتلتئم جراح قلبه، ويتهيأ عقله وروحه لارتباط آخر صحيح وسليم. فقط استمتع برفقة نفسك الجديدة، فهي في أمس الحاجة لك ولقضاء الوقت معك.. اكتشف أموراً جديدة، مارس نوعاً جديداً من الرياضة، تعمق في شغفك في الحياة، وطِر حرًا طليقًا لأجلك، حقق الحلم الذي طالما تمنيت أن يكون لديك الوقت الكافي لتحقيقه، اكتب رواية، أو حتى اكتب بوحًا أو درسًا. أنت الآن شخص جديد، عش حياتك كما تريد وتحب أن تعيشها، نحن دائمًا نبدأ من جديد؛ فلا تحزنك النهايات، فلربما هي نفسها تكون أجمل البدايات، هكذا هو طبع الحياة، كل عقبة هي باب لشيء أفضل، وكل حزن هو بداية لفرح. إن ما مضى قد مضى ولو كان خيرًا لبقى، انهض وانفض عنك غبار الأمس، افتح نوافذ الرغبة والإرادة واضحك مع الشمس، فكما قال محمود درويش: على هذه الأرض ما يستحق الحياة.