عصر التنوير، مصطلح يشير إلى القرن الثامن عشر في الفلسفة الأوروبية، وهو في الواقع يضم عصراً قبله سُمِّي ب»عصر العقلانية»، وهو يشير إلى حركة ثقافية دُعِيَت بالتنوير، قامت بالدفاع عن العقلانية ومبادئها، كوسائل نظام حقوقي للأخلاق والمعرفة، بدلاً من الدين، وروّاد هذه الحركة كانوا يعتبرون مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وترك التقاليد الدينية والثقافية القديمة والأفكار غير العقلانية ضمن الفترة التي أطلقوا عليها (العصور المظلمة - أو العصور الوسطى)، كما زعموا، وقد شكَّلت هذه الحركة أساساً وإطاراً للثورة الفرنسية، ومن ثم للثورة الأمريكية وحركات التحرر بعد ذلك، وقد مهَّدت هذه الحركة لنشوء الرأسمالية، ومن ثم ظهور الاشتراكية بالمقابل، والدين المحارب حينذاك هو ما زعمت الكنيسة التي كانت تحكم الغرب عبر مظالم لا يحتملها البشر، إنه الدين، الذي إذا قارنا حكمه بأكثر ما حكمت به دول إسلامية، وزعمت أنه الإسلام ونتجت عنه مظالم سجَّلها التاريخ، فإن المقارنة ستكون في مصلحة هذه الدول الإسلامية رغم مظالمها، إلا أن مقارنة ذلك بجوهر الإسلام وأحكامه لا يستقيم أبداً، وفي منتصف القرن العشرين عندما ظهرت في البلدان العربية والإسلامية دعوة لما أسميناه النهضة العربية والإسلامية، لم يلتفت الداعون للنهضة لهذه المقارنة، لأنهم حينئذ حصروا تلك النهضة في وسائلها المادية، لا الثقافية، وإن ظهر أفراد تأثروا بالتنوير الغربي، فأخذوا ينتقدون ثوابت الدين ومسلماته، ولكن ما واجههم به الجمهور جعلهم يتراجعون بسرعة، ونرى اليوم أن دعوتهم لنقد الدين (الإسلام) أخذت طريقها إلى بعض العقول، وأخذ بعض من يجهلون حقائق الإسلام يُطبِّقون دعوة التنوير الغربي المعادي للدين، الذي كانت تُمثِّله في عصرهم أحكام الكنيسة، وأخذوا يرون في كل أحكام هذا الدين الحنيف ظلاماً يجب أن يزول، ورأينا بعض هؤلاء يظهرون عبر الإعلام يهاجمون الدين ومصدريه، الكتاب والسنة، وخاصة السنة، رغم أن الكثيرين منهم لم يعرفوها المعرفة الحقيقية، وأخذوا يُفسِّرون نصوص الدين بحسب هواهم، بعيداً عن ما تُفسَّر به حقيقة، وما لم يعلم المسلمون حقيقة الفرق بين حكم الكنيسة الظالم والإسلام، فإنهم سيظلمون دينهم ودنياهم، ويبتعدون عن الحق الذي أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.