* ما ألاحظه أن المؤتمرات والندوات والملتقيات وورش العمل التي تزعم دراسة البطالة وحلولها، تقام في معظمها بعيداً عن رأي وصوت الفئة ذات العلاقة (أعني الشباب)، بينما يقوم عليها باحثون يقبضون شهرياً عشرات الألوف من الريالات؛ فهم لايشعرون حقيقة بالأزمة وأَلَمِهَا ومرارتها؛ ولذا تأتي معظم المخرجات دائرة في فلك التنظير، حبيس الورق!. * ولذا حاولتُ خلال الأيام الماضية البحث عن رؤية (طائفة من الشباب) للبطالة والحلول التي يجدونها للحَدّ منها؛ وذلك باقتطاع وقْت من محاضراتي لمناقشة القضية مع (طُلابِي) في الجامعة، وأكثرهم على أبواب التّخَرُّج؛ فلَمست منهم وَعْيَاً كبيراً بأبعاد القضية، وأطروحات رائعة يمكن الإفادة منها. * ومن ذلك إيمانهم بأنّ (الوظائف الحكومية) لايمكن أن تكون الحل، الذي مكانه (القطاع الخاص)، ولاسيما (وبلادنا) مقبلة من خلال التحول الوطني ورؤية 2030م، وخططهما المعلنة على ثورة صناعية، واستثمارات واسعة في مجالات عدة؛ بل (بعض الطلبة) أكّد بأن العمل في الشركات والمؤسسات الأهلية هو المستقبل، لما أن فيه تقديراً معنوياً ومالياً للمبدعين، وهو الذي لاتمنحه المؤسسات الحكومية المُقيّدة بأنظمة وإجراءات قد تكون جَامِدة وبيروقراطيّة. * ومن الحلول التي اقترحها (طلابي) للبطالة ربط الدراسة الجامعية مباشرة بسوق العمل من خلال لغة تفاهم واضحة وجَادّة بين (وزارات التخطيط والعمل والتعليم)، على أن يصحب ذلك حملات توعوية في المدارس الثانوية تُوجِّه الطلاب والطالبات للمَسَارَات الدراسية التي تتطلبها التنمية، وتتماشَى مع مواهبهم وميولهم. * وهناك تخفيض سِنّ التقاعد للموظفين، وإلغاء أنظمة التمديد والتعاقد، مع الذين وصلوا إليه إلا في أضيق الحدود وفي التخصصات النادرة، ومع الخبرات المتميزة؛ فهذه الخطوة ستفتح أبواب العمل للشباب، لِيُفِيْد الوطن من نشاطهم وحيويتهم، ومواكبة قُدراتهم لمتطلبات العصر. * وكذا القضاء على السّعْودة الوهمية ونطاقاتها؛ فهي مجرد بطالَة مقنعة، فيها يحصل طائفة من الشباب والشابات الذين كثير منهم ليس في احتياج للوظيفة على مكافأة شهرية بسيطة من صاحب المنشأة مقابل إدراج اسمه في التأمينات الاجتماعية حتى يَصِل للنِّطاق المطلوب، وكان في هذا احتيال واستغلال للنساء ولذوي الاحتياجات الخاصة؛ لما أن توظيفهم يجْلبُ نقاطاً أكثر في تلك النطاقات! * وما أعجبني جداً من أطروحات (طُلابي الأعزاء) دعوتهم لإنقاذ الذين تخرجوا في تخصصات لا حظَّ لها في سوق العمل، ومعالجة أوضاعهم؛ وذلك بإلحاقهم بدبلومات أو دورات أو برامج تَجْسِيْر، تذبح بطالتهم وتضمن لهم - بفضل الله تعالى - الحياة الكريمة. * أخيراً (هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالَة)، - مع التقدير لمنسوبيها - إلا أنها ما زالت حتى الآن أَسِيْرَة لمصطلحات تنظيرية: (مؤتمرات، دراسات، أبحاث احتضَان، دعْم، تقييم...)، فلا أثر لها على أرض الواقع؛ بينما يَمُوت شبابنا غرقاً في مستنقع بطالتهم. a a l j a m i l i @ y a h o o . c o m