يعد العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن من أكثر العلماء إسهاما عبر العصور، ولد في نهاية عام 1642م، بدأ تعليمه طالبا منبوذا غير جاد، بعدها تفوَّق وتخرَّج من جامعة كامبريدج التي عمل فيها لاحقا أستاذا للرياضيات. ومن المتعارف عليه أن نيوتن أول من صاغ النظريات المتعلقة بالجاذبية بمعادلات رياضية غيَّرت مجرى التاريخ، ويُنسب إليه الفضل في وضع مبادئ علم التفاضل والتكامل، وقد دشن نيوتن في عام 1687م كتابه: «الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية» الذي أحدث ثورة علمية في مجال الميكانيكا، مكَّنته من شرف عضوية الجمعية الملكية البريطانية، وهي إحدى أرقي الجمعيات العلمية في العالم، وكانت وقتها تعج بعلماء العصر من أمثال أدموند هالي (عالم الفلك الذي يحمل المذنب هالي اسمه)، وروبرت بويلي (المعماري الفذ مصمم كنيسة السنت بول في لندن) إضافة إلى العالم الموسوعة رئيس الجمعية في ذلك الوقت روبرت هوك الذي له إسهامات وفيرة في الكثير من المجالات. غير أن التاريخ يعرف مدى كره العالم هوك لإسحاق نيوتن من السنة الأولى لانضمامه للجمعية، ظهر ذلك عندما تقدم نيوتن بطلب للجمعية يتضمن المطالبة بدعم مالي لبحث علمي عن أصل اللون الأبيض، وأنه مزيج من عدة ألوان، ومن المصادفة أن البحث كان أحد اهتمامات العالم هوك، ولمكانة هوك كرئيس للجمعية لم يحظَ نيوتن بدعم للبحث، وكانت هذه هي البداية، لدرجة أن هوك وقف في وجه كل بحث يعمل عليه نيوتن، ووصل الخلاف بين الرجلين لدرجة ترك معها نيوتن الجمعية، وفضَّل العمل وحيدا في منزله. كان العالم إدموند هالي صديقا مقربا لنيوتن دائم التواصل معه، وصادف أن كان العلماء في الجمعية يبحثون عن إيجاد صيغة لمعادلة حسابية تتعلق بترابط الكواكب، وفي إحدى زيارات هالي لصديقه نيوتن أخبره عن هذه المعادلة التي تسببت في أرق لعلماء الجمعية، وكانت المفاجأة عندما عرف هالي أن نيوتن أكمل هذه المعادلة ويحتاج لبعض المال لنشرها، وعندها جاء دور الصديق هالي بتوفير الدعم المادي لنيوتن، وبسببها بدأ نجم نيوتن في الصعود لدرجة أنه أصبح أشهر عالم في التاريخ الحديث، والأب الروحي لعلماء الفيزياء في العالم؛ مما مكَّنَه ذلك من تقلد رئاسة الجمعية الملكية البريطانية خلفا لخصمه اللدود العالم روبرت هوك، وبذلك أصبح التاريخ يَدِينُ للعالم هالي، ليس فقط لإسهاماته العظيمة في مختلف العلوم، ولكن لدعمه أيضا لصديقه نيوتن الذي تمكَّن من إثراء البشرية بالعديد من اكتشافاته العظيمة، نتيجة لهذا الدعم الذي قدَّمه له صديقه هالي، فحقا كان نعم الصديق.