في مدينة تريم بمحافظة حضرموت اليمنية، وُلد الفنان أبوبكر سالم بالفقيه، وسط أسرة عرفت بالنجابة والذكاء، واشتهرت بالعلم والأدب، وأسرة (آل بلفقيه) معروفة في حضرموت، وهي أسرة متدينة ومثقفة اشتهرت بالعلم والتدين، وسمي أبوبكر تيمنًا بجدّه العلَّامة أبوبكر بن شهاب الذي كان أبرز علماء حضرموت، وقد توفي والد أبو بكر وهو طفل في العام الأول من عمره، ودرس بمدرسة مجاورة لمنزلهم في تريم، وتعلم على يد عدد من أقاربه القرآن الكريم ومبادئ العلوم، وقد عمل مدرسًا لمادة اللغة العربية في مدينة تريم، ثم في مدينة عدن، ثم اتجه نحو الغناء والطرب، ومارس إلى جانب ذلك عددًا من الأعمال التجارية. تميز أبوبكر - يرحمه الله- بجمال صوته منذ شبابه، فكان يؤذن ويردد تكبيرات العيدين في بعض مساجد مدينة تريم، وكان يشارك بعض أعمامه في إنشاد بعض الموشحات الدينية في عدد من الحفلات. كان أبو بكر يملك موهبة كتابة الشعر، وفي السابعة عشر من عمره كتب أول أغنيه له من كلماته وهي أغنية "يا ورد محلا جمالك بين الورود"، ولحنها وسجلها في إذاعة عدن عام 1956م، والتي غناها بعد ذلك الفنان الكبير طلال مداح -يرحمه الله- عام 1958م. سجل أبو بكر معظم أغانيه في بداية مشواره الفني في استديوهات بيروت، وكانت إقامته في لبنان شبه مستقرة هناك، واستطاع منها أن يحقق شهرة جيدة، وغادر بيروت عام 1975 م بسبب الحرب الأهلية، وعاد إلى اليمن واستقر في عدن، ثم غادرها إلى مدينة جدة السعودية، وفي الرياض حيث كانت إقامته متنقلة ما بين السعودية ومصر. قدم الراحل بالفقيه في بداية مشواره مجموعةً من الأغنيات التي حققت له شهرة واسعة، مثل أغنيات: "24 ساعة"، التي نال عليها الكاسيت الذهبي من إحدى شركات التوزيع الألمانية لتوزيعها أكثر من مليون نسخة من هذه الأغنية، و"كما الريشة"، و"امتى أنا اشوفك يا كامل وصوفك"، و"يا عين لا تذرفي الدمعة"، و" يا مسافر على الطائف"، ومن الدان اليمني القديم غنّى "رسولي قوم بلغ إشارة"، و"قال المعنى"، و"وا مغرّد (ربى صنعاء)"، ثم أغنيات: "ما علينا يا حبيبي". وكّون أبوبكر سالم في مرحلة من مراحل حياته الفنية، ثنائيًّا مع الشاعر اليمني الراحل حسين المحضار، وقدما مجموعة كبيرة من أجمل الأغنيات التي كتبها المحضار ولحنها وغناها أبوأصيل، نذكر منها: "بشل حبك معي، و"سر حبي فيك غامض"، و"يا حامل الأثقال"، و"يا سهران"، و"عنب في غصونه"، وغيرها كثير. وقدم للمملكة العربية السعودية العديد من الروائع الوطنية، ومنها أغنيته الخالدة "يا بلادي واصلي" من كلماته وألحانه. يعد الراحل أبوبكر من رموز الفن في العالم العربي، وكان آخر ظهور علني له في حفل اليوم الوطني بمدينة جدة في شهر سبتمبر الماضي، وقد عانى كثيرًا من المعرض منذ سنوات عدة، وتنقل للعلاج في مستشفيات السعودي ومصر وأوروبا، إلى أن توفاه الله يوم أمس الأول الأحد 10 ديسمبر 2017م، يرحمه الله. وقد رثاه العديد من محبيه وزملائه الفنانين والإعلاميين في مواقع التواصل، وحقق خبر وفاته أمس، على موقع "تويتر"، التريند العالمي كأكبر تفاعل، وهذا يدل على ما تركه يرحمه الله من محبة وتقدير.