عكست إشادة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأسبوع الماضي، بالتقدم الملحوظ في برنامج التوازن المالي، حجم الجهد المحوري الذي بذله مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خلال العام الماضي، من أجل ضبط الإنفاق المالي، ورفع كفاءة الأداء؛ لسد العجز الذي يقدر ب198 مليارًا في 2017 وفقًا لتقديرات وزارة المالية. ويتبدى ذلك بوضوح من خلال التوجه إلى تمديد التوازن المالى في الميزانية إلى عام 2023 بدلاً من 2020، وإشادة صندوق النقد بالإصلاحات المالية بل ودعوته إلى إبطاء وتيرتها حفاظا على النمو الاقتصادي ومعدلات سيولة جيدة في السوق. ولعل من أبرز الدلالات على ذلك: زيادة الإيرادات غير النفطية في الربع الثالث من العام الحالي 48 مليار ريال بنسبة 80% عن نفس الفترة من العام السابق. تحسن الإيرادات غير النفطية في المجمل بنسبة 100% على الأقل خلال 3 سنوات. يتوقع أن تبلغ الإيرادات غير النفطية خلال العام الحالي 208 مليارات ريال تمثل أكثر من 31 % من الإنتاج النفطي. تنويع قنوات الإيرادات من خلال رسوم العمالة والضريبة الانتقائية والقيمة المضافة. ويهدف برنامج تحقيق التوازن المالي، إلى الاستمرار في تحسين إجراءات إعداد الميزانية وتطوير رؤية شفافة لنهج إدارة التدفقات النقدية على المدى القصير والمتوسط، بالتنسيق مع الجهات الحكومية وذات العلاقة، وعلى رأسها صندوق الاستثمارات العامة. وبقراءة تحليلية نجد أن هناك عدة عوامل دعمت الجهود لتحقيق التوزان المالي على رأسها: الاحتياطي المالي الجيد، وإستراتيجية الدين العام متوسطة المدى، وإنشاء وحدة للمالية العامة في وزارة المالية لتحديد سقف للميزانية العامة، ووجود قنوات تمويل متعددة للعجز منها السندات المحلية والدولية. ولاشك أن القراءة الأولية تشير إلى الآتي: 1- تراجع الضغوط المالية في المملكة نتيجة الاحتياطي النقدي الذي يقدر ب500 مليار دولار، فيما يبلغ الدين العام نحو 375 مليار ريال بنهاية الربع الثالث، وهو ما يعد الأقل على مستوى العالم. 2- وجود 5 مرتكزات تستند عليها استراتيجية الدين العام متوسطة المدى، الأولى وضع سقف لمستوى الدين بنسبة 30% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020، والاقتراض بحسب الحاجة وفي حدود القدرة الاستيعابية للأسواق المحلية والعالمية، وتنويع مصادر التمويل والعملات المصدر بها الدين لتشمل غير الريال بحسب الحاجة وأوضاع السوق. 3 - إنشاء وحدة للمالية للعمل على تحديد سقف للميزانية العامة من خلال وضعها في إطار متوسط المدى «3 سنوات» والتأكد من الالتزام بهذا السقف، وتعمل الوحدة على اقتراح سقف النفقات والإيرادات والاحتياجات التمويلية على المدى المتوسط. 4- رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي ضمن الإصلاحات الهيكلية، عن طريق مراجعة المشروعات الحكومية ونطاقها وأولوياتها لمراعاة جودة وكفاءة التنفيذ والتوافق مع الاحتياجات التنموية والمتطلبات المالية والتمويلية. 5- رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي، لترشيد نفقات الأجهزة الحكومية، وتطوير وتفعيل آليات الرقابة، ووفرت مراجعة المشروعات للوزرات الخمس الأعلى إنفاقًا نحو 80 مليار ريال في التكاليف خلال العام الماضى. وفي إطار سعى الدولة لتعزيزالايرادات وخفض الاعتماد على الميزانية، يجري العمل على طرح مجموعة من القطاعات والنشاطات الاقتصادية للخصخصة، كما جرى إنشاء وحدة مختصة بتنمية الإيرادات غير النفطية، لمراجعة العناصر الحالية للإيرادات من الجهات الحكومية وشبه الحكومية. ويلعب المركز الوطني للتخصيص دورًا مهمًا في تحقيق التوزان المالي، من خلال تحديد السياسات والاستراتيجيات والبرامج واللوائح التنفيذية. وتضمنت الإصلاحات، تعديل منظومة دعم المنتجات النفطية والمياه والكهرباء وإعادة تسعيرها، فضلًا عن مراجعة مستويات الرسوم والغرامات الحالية، واستحداث رسوم جديدة، بالإضافة إلى استكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة.