يصادف اليوم 2 نوفمبر الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤومة، الوزير البريطاني الذي أعطى وعد بإقامة وطن لليهود على أرض فلسطين، وبينما تحتفل الدولة العبرية والأب غير الشرعي لها بريطانيا بالمناسبة، يرزح الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتجاهل كل المقررات الأممية، التي أكدت على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف الاستيطان، وحق العودة اللاجئين، في ظل حكومة يمينية متطرفة بقيادة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تحمي المتطرفين الذين يقتحمون المسجد الأقصى يوميًا، وتواصل الاستيلاء على أراضي الشعب الفلسطيني بإنشاء المستوطنات لليهود الذين لا يمتون للتراب الفلسطيني بصلة، اليوم ذكرى مئة عام تحكى ملحمة طويلة من الظلم يتعرضها لها الشعب العربي الفلسطيني، قتلاً وتشريدًا ونهبًا لأرضهم، بوعد ممن لا يملك، لمن لا يستحق. شاهد حق على الوعد في حلقة الأمس استعرضنا تاريخ الوعد والانتداب البريطاني وقيام الكيان المغتصب إسرائيل، بمساعدة الغرب، وفي هذا الجزء نستمر بعرض شهادات سياسيين منصفين في تفنيد المزاعم الإسرائيلية بحقهم بأرض فلسطين، الوزير البريطاني أدوين مونتاجيو وفي وثيقة يعود تاريخها إلى عام 1917 -لكن لم يكشف عنها إلا منذ بضع سنوات (لخطورتها)- «إنني أنكر أن لفلسطين أي علاقة باليهود، في وقتنا هذا، أو أن ينظر إليها باعتبارها المكان المناسب لهم للحياة على أرضها، فالوصايا العشر قد أنزلت على اليهود في سيناء، وإنه لواقع صحيح أن فلسطين تلعب دورًا كبيرًا في التاريخ اليهودي، ولكن الإسلام لعب دورًا أكبر، كما لعبت أكثر من أي بلد آخر في العالم دورًا هامًا في تاريخ الديانة المسيحية»، كما تعتبر الكاتبة البريطانية الشهيرة إيثل مانن «صاحبة رواية الطريق إلى بئر سبع»، من أشد منتقدي الوعد، وهي تذكر أن اقتراحًا بإلغاء الوعد قدم إلى مجلس اللوردات عام 1921 بواسطة لورد إيزلنجتون ووافق عليه، ولكن الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان اتخذ خطوات لمنع مجلس العموم من الموافقة على هذا الاقتراح. يمكن القول دون أي مبالغة: إن المؤسس الحقيقي لدولة إسرائيل على حساب أرض وشعب فلسطين هو بلفور وليس بن جوريون، فهو الذي وضع الأرضية التي مهدت لقيام إسرائيل، والوعد -كما قرار التقسيم- لم ينفذ منه سوى الجزء الخاص بتحقيق الهدف الصهيوني بإقامة «الوطن القومي لليهود»، وفي تطرقها لهذه النقطة، قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية في عددها الصادر في 13/10/2017: إن بريطانيا ارتكبت خطأين، الأول تمثل في إصدار الوعد، ولم يكن ذلك من حقها، ولا من صلاحيتها، والثاني أنها -وبالرغم من ذلك- لم تتقيد بمضمونه، وعملت فقط على تنفيذ الشق الخاص باليهود منه، وقالت موضحة: إن «الوعد» احتوى على ضمانتين: وطن (وليس دولة) لليهود في فلسطين، وحماية حقوق «غير اليهود»، أي العرب الذين كانوا يشكلون 90% من سكان فلسطين حينذاك، وقد كان الوعد وتبني حكومة الانتداب له، البداية الحقيقية لنكبة فلسطين، التي تبلورت عبر ثلاثة عقود -شكلت فترة الوجود الاستعماري البريطاني على أرض فلسطين- استطاعت بريطانيا من خلالها تمكين اليهود وتزويدهم بعوامل القوة بما ساعدهم على السيطرة على أرض فلسطين وتشتيت شعبها.