قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر :»لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»، فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى فغدوا كلهم يرجوه ،فقال: أين علي، فقيل يشتكي عينيه ،فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع ،فأعطاه فقال : أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ،فقال:»انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم.» واليوم على المنابر نسمع الدعاء بالهلاك والدمار على جموع المشركين المحاربين منهم والمسالمين ،الشعوب والحكومات ، المعاهدين وغير المعاهدين . ويتكرر ذلك في كل خطبة وفي كل مسجد ومع كل إمام وخطيب . أليس الدعاء بالهداية للمسالمين وللمعاهدين أولى وفيه أجر كما قال النبي المجتبى المصطفى صلى الله عليه وسلم ويكون لنا - أئمة ومأمومين نؤمن على الدعاء- خيراً من حمر النعم ، والحديث الشريف يقول فيه صلى الله عليه وسلم «يهدي بك» ولم يحدد وسيلة الهداية، وقوله صلى الله عليه وسلم يشمل كل الوسائل والدعاء بالهداية منها . والعجب أننا كمسلمين خرجنا عن التوجيه النبوي الشريف في الدعاء حتى بات البعض ممن يجد سوءاً أو شائبة على أبنائه أو بناته تسمع منه الدعاء عليهم بالشقاء والهلاك والموت والبلاء ،ومنهم من يقوم بهذا الفعل غير المقبول شرعاً ولا عرفاً ولا عقلاً ولا حكمة في منتصف الليل ووقت السحر وساعات الإجابة والاستجابة من الله عز في علاه . وقد نهانا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه من الدعاء على أنفسنا لأن الاستجابة قد تحصل وبعدها لا ينفع ندم ولا تفيد حسافة ،ووقتها الحسرة تعتصر قلب الداعي ،وكذا من يدعو على بنيه وفلذة كبده . فقد قال صلى الله عليه وسلم»لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ» . ومن المضحك المبكي ما كان عليه حالنا والحمد لله تغير بعد أن كتبنا وكتب غيرنا عن ذلك فقد كان يدعو الإمام علينا كل جمعة وعلى نفسه من على المنابر ونحن نؤمِّن بسذاجة فقد كان يقول أكثر الأئمة : اللهم ابرم لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، وقد كنت أتساءل : ألسنا أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟! ومن منا بلا معصية صغرت أم كبرت ؟!. فلعل الكتابة بأولوية وأحقية وأفضلية الدعاء للمشركين والكفرة المعاهدين والمسالمين بالهداية أولى ، تنبه للحق ويهدي الله بدعائنا من يشاء منهم ويكون لنا كمسلمين فيه خير كثير لا يعلمه إلا الله . وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحدٍ سواه.