كان الملك فيصل -رحمه الله- زعيمًا عربيًا مهمومًا بقضايا أمته العربية.. حيث لعب الملك فيصل دورًا كبيرًا في انتصارات حرب أكتوبر عام 1973 وذلك بقراره بخفض إنتاج البترول ثم حظر البترول عن الغرب. وحدث أن أرسل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وزير خارجيته إلى الملك فيصل من أجل الرجوع عن قراره بقطع البترول عن دول الغرب، وعندما التقى هنري كيسنجر الملك فيصل في جدّة عام 1973م في محاولة لإثنائه عن وقف ضخّ البترول، رآه متجهمًا، فقال له مداعبًا: «إن طائرتي تقف هامدةً في المطار بسبب نفاد الوقود، فهل تأمرون جلالتكم بتموينها، وأنا مستعدٌ للدفع بالأسعار الحرة»! فلم يبتسمْ الملك، بل رفع رأسه نحوه، وقال: «وأنا رجل طاعن في السن، وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت، فهل تساعدني على تحقيق هذه الأمنية». لم تستجب المملكة العربية السعودية لمطالبات الغرب بالتراجع عن موقفها من منع إرسال البترول إليهم، وقدمت الدعم المادي والعسكري لمصر في حربها، وصدرت الأوامر للقوات السعودية المسلحة والحرس الوطني، للمشاركة في معركة تحرير الأرض العربية وامتزج الدم السعودي مع الدماء العربية في مصر وسوريا دفاعًا عن الشرف والكرامة من أجل استرداد الأرض وتحرير المقدسات الإسلامية. كان ذلك موقفًا سعوديًّا عظيمًا وتحديًا حضاريَّا وتاريخيًّا لا يُنسى، وقبل كل شيء وبعده كان موقفًا إسلاميًّا مهمًّا، فجاء النصر من عند الله في حرب رمضان المبارك التي عبرت عن التضامن العربي والإسلامي بشكل كبير كان نواته الالتحام السعودي المصري.