لم يعد إلحاق الضَّرر بالأشخاص، أو الكيانات، أو حتَّى الدول يتطلَّب تدخُّلاً، وفعلاً ماديًّا مباشرًا، ففي الفضاء الرقميِّ بالشبكة العنكبوتيَّة (الإنترنت) التي نتعامل معها بشكلٍ يوميٍّ، لم يعد الإرهابيُّون في حاجةٍ لحمل أسلحة، أو متفجرات فقط، يحتاجون إلى جهاز كمبيوتر، وبرامج خبيثة، والولوج إلى شبكة الإنترنت. لقد أصبحنا أمام الإرهابِ السيبرونيِّ، أصبحت المؤسَّسات الماليَّة والخدميَّة هدفًا لهم، وكذلك جميع مؤسَّسات وكيانات الدولة، التي تتعامل وتستخدم شبكة الإنترنت، فوصل الأمر إلى التحريض على ولاة الأمر، وعلى علمائنا بالتشكيك فيهم، ثمَّ إلى أغلى ما نملك -بعد ديننا- وهم أبناؤنا. فالكثير من المواقع الحكوميَّة، والشركات، والبنوك تعرَّضت لهجمات إلكترونيَّة؛ ممَّا أدَّى إلى توقُّف الخدمة في بعضها؛ ممَّا أثَّر على سوق المال، وتداول الأسهم، وتخوف المستثمرين من دخول السوق السعودي، وبالتالي التأثير السلبي على الاقتصاد، وكذلك الآثار الاجتماعيَّة، لا ننسى كيف استخدم داعش فضاء الإنترنت للإيقاع بأبنائنا، والتدليس عليهم، وغسل عقولهم، وتوجيههم كخناجر مسمومة في صدورنا، وتشويه سمعة السعوديَّة أمام المجتمع الدوليِّ، ومن قبلها القاعدة، فهؤلاء الإرهابيون يستخدمون الإنترنت لزعزعة ثقة المواطن بدولته، بنشر الشائعات والتحريض على ولاة الأمر. متى كنَّا نسمع بمَن يقتل والديه؟ متى كنَّا نسمع مَن يقذف ويشكِّك في ولاة الأمر، والعلماء؟ ولا ننسى أنَّ الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة هي إيران، وأعوانها قد سخَّرت جُلَّ ما تستطيع من إمكانيَّات لدعم الإرهاب السيبروني ضدنا، فكثير من الحسابات الوهميَّة على تويتر، والفيس بوك، مصدرها إيران، بتكليف ودعم من الحكومة الإيرانية، كذلك الكثير من الهجمات الإلكترونيَّة أتت من إيران، سخَّروا لهذه المهمَّة الخبراء، وجميع الإمكانيَّات، نحن أمام خطر عظيم، وشر مستطير، ولابدَّ لاتِّقاء هذا الخطر الداهم من أمرين، الأمر الأول تعديل نظام جرائم الإرهاب وتمويله، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتيَّة بما يتوافق مع التطوُّر الخطير في استخدام سلاح السيبرون، في القيام بالأعمال الإرهابيَّة ودعمها، أمَّا الأمر الثاني فهو إنشاء جيشٍ سيبرونيٍّ سعوديٍّ، نُسخِّر له الخبراء الوطنيين، وكلَّ الإمكانيَّات الماديَّة والتقنيَّة اللازمة لأداء مهامِّه التي تتمثَّل في البحث عن أوجه الضعف في الحماية للمواقع الإلكترونيَّة لكلِّ ما يمثِّل لنا مصلحةً في حمايته في فضاء الإنترنت من مواقع وبيانات وتدعيم الحماية له، وكذلك التصدِّي إلى أيِّ هجمة سيبرونيَّة وردّها، وأفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم.