ما أن يهل شهر رمضان في كل موسم، حتى تسارع العديد من الأندية الأدبية إلى إغلاق أبوابها وتعطيل نشاطها، أو في أحسن الأحوال تقديم نشاط تقليدي، لا يحظى باهتمام أحد، ولا أثر له في المشهد الثقافي والأدبي.. فما الذي يقعد الأندية الأدبية عن النشاط في رمضان، ولماذا يصيبها الخمول عن استثمار أمسياته الساهرة في نشاط يؤكد الحضور الفاعل لهذه الأندية.. «المدينة» استطلعت آراء عدد من المثقفين حول دواعي توقف الأندية الأدبية عن النشاط في رمضان، متلمسة كذلك مقترحاتهم لكيفية تجاوز هذه «الظاهرة»، وتفعيل النشاط بما يضمن روحانية الشهر من جانب وثراء الأنشطة والفعاليات من جانب آخر. خمول غير مبرر ويتفق القاص جمعان الكرت مع سابقيه فيما يصيب الكثير من الأندية الأدبية من الخمول خلال شهر رمضان المبارك.. مرتئيًا أنه «ليس هناك مبرر؛ حيث يمكن للأندية تنشيط فعالياتها في كل شهور السنة، بما فيه شهر رمضان المبارك من خلال تنظيم المسامرات الثقافية والأدبية والدينية والاجتماعية سواء بدعوة شخصية اعتبارية ليتحدث عن سيرته الذاتية بعدها يسمح بالمداخلات، أو طرح قضية ثقافية يتناولها المشاركون بالتحليل والنقد، فضلا عن تنظيم المسابقات لفئة الشباب تلخيص كتب ثقافية أو كتابة مقالة أدبية أو قصة قصيرة أو نص شعري. حاثا في ختام حديثه إلى الاهتمام بالمواهب الشبابية من خلال التشجيع والتحفيز وتهيئة الفرصة لهم. أندية مفلسة ويذهب الدكتور ظافر الشهري، رئيس مجلس إدارة أدبي الأحساء، إلى وصف الأندية التي تعطل نشاطها في رمضان ب»المفلسة»، قائلا: شهر رمضان شهر العمل والإنجاز والإنتاج؛ لذلك أعتقد أن الأندية التي تغلق أبوابها في رمضان، أو تقدم برامج تقليدية هي أندية مفلسة، وبخاصة أن شهر رمضان هذا العام جاء في وقت إجازة طويلة، والمثقفون متعطشون لملء وقت فراغهم بالمفيد من المناشط والفعاليات. ويتابع الشهري مضيفا: ونادي الأحساء الأدبي هذا العام وضع خطة طموحة ومتنوعة من الأنشطة للشهر الكريم، بدأناها من ثالث يوم في الشهر المبارك وقد وضعت وزارة الثقافة والإعلام خطة نادي الأحساء الأدبي لشهر رمضان هذا العام على موقعها ونحن سعداء جدا بأن جمهور النادي في هذا الشهر في ازدياد، وبخاصة أننا نقيم هذه الفعاليات في المقر الجديد وفِي ديوانية المثقفين وقاعة القراءة بالنسبة للسيدات وهي قاعات فسيحة ومجهزة بالصوت والصورة. ولا شك أن الأندية الأدبية يجب أن تضاعف نشاطها في الإجازات والإجازة الصيفية خاصة وأن تستقطب الشباب والشابات وتقدم لهم برامج نوعية تراعي ميولهم وأذواقهم وتشغل فراغهم وهذا ما تبناه نادي الأحساء الأدبي. تفكير تسويقي بداية يرى الدكتور عادل خميس الزهراني، أن توقف نشاط الأندية الأدبية في رمضان أمر متوقع و»طبيعي»، سائقًا الحجة في ذلك بقوله: أولا دعونا لا ننسى أن الأندية الأدبية تدار من قبل أعضاء مجلس إدارة؛ وهم أفراد من المجتمع السعودي، يتعرضون لنفس الظرف الثقافي الذي يتعرض له بقية أفراد المجتمع، فلرمضان عادات مختلفة لا تنطبق على غيره من الشهور، ولرمضان رداء اجتماعي مختلف، وهو فرصة للتغيير على كل المستويات؛ وأعضاء الأندية الأدبية معرضون لكل هذا، وبشكل أو بآخر لابد أن نجد لهم العذر في تخفيف نشاط الأندية. مستدركًا بقوله: ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يستفاد من الأندية الأدبية في تنظيم أنشطة تتفق وطبيعة رمضان، على سبيل المثال يمكن تنظيم فطور ثقافي جماعي، يشمل أمسية ثقافية معينة، ويمكن أن يستضيف النادي شخصيات ثقافية وإعلامية في رمضان، شخصيات يسلط عليها الضوء في رمضان عادة، من الوعاظ أو المثقفين، أو الفنانين. فهناك أسماء تجد في رمضان حضورا أكبر مثل الشيخ المغامسي مثلا، كما يمكن تنظيم لقاءات مع فنانين كناصر القصبي أو غيره، ممن لهم تأثير في رمضان، هذه الشخصيات تمثل أيقونات مهمة لجذب الجماهير لارتياد الأندية الأدبية، وهذا تفكير تسويقي قد يعود على الأندية بالفائدة، يمكن من خلاله استغلال شهر رمضان. ضعف الجمهور ويرى الكاتب نبيل زارع أنه: من الممكن أن تقوم الأندية بإقامة فعاليتين فقط خلال شهر رمضان نظرًا لضعف الحضور الجماهيري، مضيفًا: حتى لو أقام النادي نشاطًا منبريًا أتصور سيكون حضوره أقل من متواضع؛ لكن أحسب لنادي الرياض بادرة جميلة وهي إقامة معرض كتاب خيري، وأعتقد أنه أفضل من أي فعالية منبرية، وتضمن تواصل المثقفين والمهتمين مع النادي، وأيضًا فكرة إقامة معرض كتاب في حد ذاتها عنصر جذب في نفس الوقت. ويخلص زارع للقول: كنت أتمنى من أحد الأندية الأدبية أن يتبنى وبالتنسيق مع القناة الثقافية تنظم الخيمة الثقافية الرمضانية، لأنها ستكون ملفتة وناجحة، ولكن بطبيعة الحال تحتاج تنسيقًا كبيرًا.