الثلاثاء الماضي هدَّد محمد باقري رئيس هيئة الأركان الإيرانيباكستان بقوله: «إن طهران ستضرب قواعد داخل باكستان إذا لم تتصدَّ إسلام أباد للمسلحين الذين ينفذون هجمات عبر الحدود». وفي المقابل استدعت وزارة الخارجية الباكستانية السفير الإيراني في إسلام أباد مهدي دوست وسلَّمته خطاباً شديد اللهجة على تهديد باقري. التهديد والاحتجاج مؤشران على توتر علني في العلاقات بين البلدين، كما أن التهديد الإيراني مؤشر على حالة عدم التوازن الذي أصاب ملالي إيران وقادتها وساستها منذ أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في بداية العام الميلادي الحالي،إضافة إلى بوادر تشكيل تحالف إقليمي- دولي لتحجيم إيران ووأد طموحاتها التوسعية في المنطقة، والتي مهدت لها الطريقَ السياسةُ الرخوة للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. إيران ومنذ بداية انتشار أخبار عن قيام هذا التحالف ومنذ تولي ترامب ومع كل تصريحاته أدركها الرعب لعلمها الأكيد أولاً بهشاشة داخلها الإيراني، اقتصادياً واجتماعياً، وثانياً بجدية التوجه الأمريكي الجديد المتطابق كليةً مع توجه دول كبرى في المنطقة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. هكذا حال دفع الملالي والساسة الإيرانيين إلى التخبط وعدم الاتزان، فمرة يخرج وزير خارجيتهم محمد جواد ظريف بتصاريح ناعمة ومهادنة. وأخرى يُطلق قادة عسكريون - كما هو حال باقري، ووزير الدفاع حسين دهقان - تهديداتٍ تجاه دول إقليمية كبرى مثل باكستان والسعودية، والهدف من ذلك كله هو سعي إيران إلى خلخلة التوافق الجديد ضدها. فيما يتعلق بالتهديد الإيرانيلباكستان، إيران تدرك قوة باكستان العسكرية، فهي دولة أقوى في جيشها وعتادها وتدريبها وكفاءة جنودها من الجيش الإيراني بمراحل، ناهيك عن أنها -أي باكستان- دولة نووية لديها من الأسلحة النووية ما يمكِّنها من محو إيران من الخارطة في لحظات، لكن إيران بتهديدها ذلك تأمل أن تعيد باكستان حساباتها في التحالف الذي أقامته مع السعودية والمسمى التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، كما أنها تسعى إلى إضعاف الموقف السعودي في التحالف الإسلامي بتشكيك بعض مشاركيه في جدوى البقاء والاستمرارية الفاعلة، وباكستان في مقدمة أولئك ،وإلا ما معنى أن تتهم إيرانالباكستان برعاية جماعة مسلحة «جيش العدل» تعتبرها إرهابية لولا أن إيران تريد إبعاد تهمة رعايتها هي لجماعات إرهابية كبرى مثل القاعدة، ولنفي وصف «راعية الإرهاب الأولى في العالم» عنها، الذي أطلقه عليها الرئيس ترامب وعدد من وزرائه. المؤشرات كلها تشير إلى قرب نهاية النفوذ الإيراني في المنطقة، العراق، سوريا، لبنان، اليمن، وإلى تقلص دور الملالي وربما ثورة داخلية تنهي نظامهم إلى الأبد، وهو ما تخوَّف منه المرشد الإيراني علي خامنئي يوم الأربعاء الماضي أمام عدد من قادة القوات المسلحة الإيرانية في كلية «الإمام الحسين» التابعة للحرس الثوري بقوله: «إن أعداء إيران يسعون على المدى البعيد إلى تغيير أصل النظام».