رُوي عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (والَّذِي نفسِي بيدِهِ لاَ يُؤمنُ أحدُكُم حتَّى أكونَ أحبَّ إليهِ مِن والدِهِ وولدِهِ والنَّاسِ أجمعِينَ)، وهذا دليلٌ عظيمٌ على أنَّ محبَّة الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هي أصلٌ من أصول الإيمان، لا يتمُّ، ولا يكتملُ، ولا يحصل بدونه، في تأكيدٍ قويٍّ أنَّه لا إيمانَ لمَن لم يكنْ النبيُّ عليه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التَّسليم أحبَّ إليه من أقربِ إنسانٍ في تدرُّج شمل جميع النّاس ممَّن قد يحبُّهم ويتفانى في حبِّهم. ولنا في قصة الفاروق، عندما سُئل عن محبَّته لرسول الله شاهدٌ قويٌّ على عظم محبَّته وحرصه على تحقيق الإيمان الكامل بمحبَّته، وهذا ديدنُ المسلمِ الحق الذي حين يعلم بحقِّ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحبِّ لا يحتاجُ إلى مَن يذكِّره بهذا الحقِّ؛ لأنَّه واضحٌ وجليٌّ مثل الشمس، أمَّا من يقول خلاف ذلك، فعليه مراجعة إيمانه فما بعد نور اليقين إلاَّ الظلام والضلال، حمانا الله والمسلمين من جهل الضلال، وظلام الجهال. والغريب أنَّنا نجد في زماننا هذا من يخالف ذلك الأصل، وينفي وجوبه؛ معللاً ذلك أنَّه لا يمكن أن نحبَّ شخصًا لم نره، أو نتعامل معه، متغافلاً -أو ربما جاهلاً- بأنَّ محبَّة الرسولِ عليه الصلاة والسلام ليست كمحبَّة باقي البشر، وحدوثها لا يقتضي أن نراه أو نسمعه، ولو كانت المحبَّة متعلقةً بذلك الشرط، فكيف بمحبَّة الله عزَّ وجلَّ، والإخلاص له، ونحن لا نراه؟! بل إنَّه أنكر حتَّى محبَّة آل بيته الكرام، ممَّن هم في وقتنا الحالي، نافيًا أن يكونوا ممَّن شملتهم الصلاة في التشهُّد، وفي ذلك تعدٍّ وظلمٌ على الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإيذاءٌ له. فكيف يطيب لنا بعد ذلك أن ننفي محبَّته حتَّى يكونَ أحبَّ النَّاسِ في قلبِ المؤمن من كلِّ أحدٍ؟ وكيف نتجاوز إرادة اللهِ -عزَّ وجلَّ- وأمره في ذلك، وقد قال في كتابه العزيز (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ). علِّموا أبناءكم حبَّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأزيلوا من أمامهم كلَّ وسوسة للشيطان تطرح لهم تساؤلات قد تقودهم للضلال. علِّموهم أنَّ محبَّته غيرُ قابلةٍ للمساومة، وغير خاضعة للمتغيِّرات والقوانين، فهي من كمال الإيمان محبَّة خاصَّة مصطفاة كما هو المصطفى عند الله -عزَّ وجلَّ- على جميع الخلق.