في عام 1990م أعلن الزعيم السوفيتي جورباتشوف نهاية حقبة السوفيت وتفكُّك النظام السابق معلناً رسمياً انقضاء العهد السابق وتلاشي الدكتاتورية نهائياً.. ولقد شكلت هذه الواقعة أحد النوازع الأساسية التي فعلت فعلها بالنظام السوفييتي، فإذا كانت الرأسمالية قد انتهت في روسيا وإذا لم يكن هناك مجال للتذرع بإمكانية وجود معارضة واسعة للكرملين من الجماهير المتحررة من تحت سلطته، غدا من الضروري تبرير استمرار الدكتاتورية، ولقد بدأ هذا الاتجاه مبكرا ففي عام 1924 وقف ستالين يدافع حصراً عن ضرورة الإبقاء على أجهزة القمع، يقصد الجيش والشرطة السرية من بين أجهزة أخرى مبرراً دفاعه بقوله مادام تطويق الرأسمالية لنا قائماً فإن خطر التدخل سيظل ماثلاً بكل ما ينطوي عليه هذا التدخل من العواقب، وعلى أساس هذه النظرية جرى تصوير كل القوى المعارضة في روسيا منذ ذلك التاريخ على أنها أدوات لقوى الرجعية الخارجية المناهضة للسلطة السوفيتية.! من هنا كان التشديد على الأطروحة الشيوعية الأساسية القائلة بوجود تناقض أصيل بين العالمين الشيوعي والرأسمالي رغم أنه واضح في شواهد عديدة أن هذا التشديد لا يجد له أساساً من الواقع. أما الحقائق الأساسية المتصلة بأمر هذا التشديد فقد اغمض أمرها شيوع ما أثارته الفلسفة السوفيتية من الخارج من النفور فضلاً عن الامتعاض الماركسي والتهويل لوجود تهديد يتربص بالمجتمع السوفيتي من خارج الحدود بهدف استمرار الحكم الدكتاتوري السوفيتي وهذا نعرفه اليوم في السلطة الروسية الجديدة بتبادل السلطة بين ضابطي المخابرات السوفيتية السابقة كي بي جي.. بوتين وميدفيديف، ونظرة النزعة القومية السوفيتية السابقة بالعهد الجديد، فأمريكا عين على تمدد الصين في شرق آسيا وعين على استقلال أوكرانيا وتغذية مفهوم الاستقلال في أوكرانيا حتى لو كلف ذلك محاصرة الأعداء على أسوار حدودها إذ إن فكرة العداء بين النظامين الغربي والروس باقية في الأيديولوجية بصورة أساسية رغم تبادل الأدوار في قضايا العالم بلعبة شطرنج كما يحدث الآن في سوريا من حرب باردة بينهم، وهي إحدى المسلمات الرئيسة، ومنها ما يتدفق بالعديد من الظواهر مما نجده مدعاة للإزعاج في نهج الكرملين في السياسة الخارجية وهذا ما ينظر إليه الغرب بتخطي حدود مصالحهم.